معادلة الرؤية في الازدهار الثقافي والتراثي والترفيهي

هناك خطط مؤسسية تعمل على تحويل المملكة العربية السعودية إلى وجهة حيوية، وهو ما سيشجع على نمو ما يعرف بـ”السياحة الثقافية” و”السياحة الترفيهية” كإحدى الفرص النوعية لتعظيم الاقتصاد الوطني غير النفطي، وهو ما تستند له رؤيتنا الطموحة..

تكنولوجيا غرف الأخبار.. الإعلام الفلبيني نموذجاً

التجربة الإعلامية الفلبينية سلطت الضوء على الطلب غير المتوقع بالنسبة للمحتوى الإخباري من الجمهور الشاب على TikTok، وأكدت على أهمية الهواتف المحمولة كجهاز أساسي متصل، واستفادت شبكة GMA من هذه الحملة لضمان إيصال الأخبار إلى الجمهور بشكل ترفيهي، بحيث لا تتجاوز الفقرة الإخبارية دقيقة كحد أقصى وبما يناسب طريقتهم، وهو ما يؤكد أن فهم احتياجات الجمهور لعب دورًا حاسمًا في نجاحهم..

كيف تنظر واشنطن لأهداف الصين العسكرية في الشرق الأوسط؟

بالنسبة لأميركا؛ يُعدّ التخلي عن عدم المرونة ومشاركة التكنولوجيا مع الشركاء الإقليميين إحدى الطرق لتعزيز الشراكة الأمنية بما يتجاوز مجرد الالتزام بالموارد العسكرية على الأرض، لكن إذا ما تم تنفيذ ترتيبات حذرة ومدروسة في مجال مشاركة التكنولوجيا الدفاعية، يمكن تحقيق هدفين: تعزيز العلاقة الدفاعية مع الدولة الشريكة وفرض قيد هيكلي آخر على علاقة أي دولة ثالثة مع بكين، من خلال طلب ضمانات بشأن المعلومات الأميركية..

التحديث العسكري السعودي.. الدلالات التطويرية

هناك تحول مؤسسي لوزارة الدفاع عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسة الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري..
تعي السعودية جيدًا وبعمق الأبعاد المرتبطة باستقرار وأمن محيطها الإقليمي والتحديات التي يواجهها -خاصة أنها منطقة غير مستقرة- وفي إطار تشكيل ذلك عملت القطاعات ذات العلاقة بشكل مؤسسي ومنهجي على تحديث قدرات المملكة العسكرية من حيث عتادها التسليحي الدفاعي وأصولها البشرية، فكانت رؤية السعودية 2030، منطلقًا مركزيًا لتوطين الصناعات العسكرية. ما دفعني للكتابة عن الموضوع، ما كشفه موقع “غلوبال فاير باور” عن تصنيفه السنوي لأقوى الجيوش في العالم والذي يتضمن 145 دولة تختلف مكانتها من عام لآخر وفقا لعدد من المحددات التي تتضمن الوحدات العسكرية والمكانة المالية إلى القدرات اللوجستية والجغرافيا. وفقًا للتصنيف، حلت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية على مستوى الجيوش العربية، والمرتبة الـ 23 عالميًا، ولم يكن هذا التقدم ليحصل -لولا توفيق الله- في منظومتنا العسكرية الوطنية، إلا بوجود عزم واضح لدى الدولة في توطين الصناعات العسكرية، وهو محور لا يمكن تجاوزه إذا ما أردنا استيعاب تحديث التسليح السعودي، ومن المناسب الاستئناس بما أشارت له الهيئة العامة للصناعات العسكرية على موقعها الرسمي، من أن نسبة التوطين بنهاية 2022 بلغت 13.7 %، بينما الهدف الوصول إلى نسبة توطين ما يزيد على 50 % من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول العام 2030، لذلك تعمل الهيئة وبشكل تكاملي مع شركائها من القطاعين العام والخاص على توطين قطاع الصناعات العسكرية في المملكة من خلال تمكين المُصنّعين المحليين والدوليين، وفتح أبواب التراخيص لهم للاستثمار في بيئة صناعية عسكرية جاذبة تحظى بفرص استثمارية نوعية ومُحفزات تساهم في تمكين المستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى تمكين الكفاءات الوطنية من المساهمة في دعم مسيرة التوطين الطموحة. من المسارات المهمة لفهم إطار التطور العسكري السعودي، المقابلة المهمة التي أجراها الدكتور خالد البياري مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية في فبراير الماضي (2024)، مع صحيفة الشرق الأوسط، والتي أنصح بإعادة قراءتها من قبل المراقبين والمهتمين. هناك تحول مؤسسي لوزارة الدفاع عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسة الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري. زمن الملامح الرئيسة التي جاءت في المقابلة الصحافية، أن أحد الأهداف الاستراتيجية لوزارة الدفاع، هو تأصيل قطاع الصناعات العسكرية، من خلال العمل مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية، على توطين الكثير من المنظومات، سواء توطين صناعتها أو توطين مساندتها، فالعقود التي تم توقيعها مؤخرًا على سبيل المثال تشتمل على مشاركة صناعية، سواء كان في التصنيع أو المساندة المحلية، وهناك هدفان أساسيان لهذه الخطوة؛ الأول الاعتماد على صناعة تدعم رفع الجاهزية العسكرية لقواتنا المسلحة، والهدف الثاني متمثل في الأثر الاقتصادي، كون هذه المشاريع تولد وظائف وتساهم في زيادة حراك الاقتصاد. وجزء لا يتجزأ من تطور الأداء العسكري السعودي بما نشاهده اليوم وتؤكده المؤسسات العالمية المتخصصة، يتبلور في بدء وزارة الدفاع السعودية مرحلة إعادة هيكلة القوات المختلفة التي تشمل القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، بعدما تمت إعادة هيكلة رئاسة هيئة الأركان العامة وبناء القوات المشتركة. النجاح الذي نستشعره كمواطنين في القدرات العسكرية كان بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي تركز على أهمية استغلال القدرات الشرائية لوزارة الدفاع والوزارات العسكرية والأمنية الأخرى.. دمتم بخير.  

«حكاية التنمية» بعد ثماني سنوات من رؤية السعودية 2030

يمكن بلورة حكاية التنمية في: تحقيق التميز في الأداء الحكومي، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتعزيز التنمية المجتمعية وتطوير القطاع غير الربحي، وتمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته، إضافة إلى التحول الرقمي، والإسهام في تمكين القطاع الخاص، وتطوير الشراكات الاقتصادية..
تتمثل أهم مُحددات التاريخ التنموي السعودي الحديث، بإطلاق رؤية السعودية 2030 في 25 أبريل 2016، والذي كان بمثابة الرافعة الاقتصادية غير التقليدية للمملكة، والنقلة النوعية التي شهدنا آثارها بعد ثماني سنوات من رؤيتنا الطموحة، ويُشكل في مجموعه العام تنمية غير نفطية بمختلف الاقتصادات الواعدة. نستطيع اليوم كمواطنين ونحن على مشارف الذكرى الثامنة من الرؤية، أن نتلمس الآثار ليس على منظومتنا الاقتصادية فقط، بل حتى على مستوى حياتنا الشخصية والمعيشية والمهنية والتطويرية، فضلًا عن كيفية مواجهة الدولة للتحديات المتوقعة وغير المتوقعة، وما زالت هناك تحديات، وسنتجاوزها بمشيئة الله؛ لأننا نملك طموحًا عاليًا، يتوافق مع مكانة بلادنا الإقليمية والدولية. شهدنا تحولًا وطنيًا جذريًا، واقتبس هنا بتصرف كلمة مهمة تختزل الأبعاد المتعددة لرؤية السعودية 2030، لمعالي الأستاذ محمد بن مزيد التويجري، وهو رئيس لجنة برنامج التحول الوطني/ عضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في تقرير التحول الوطني لعام 2023 (مع نهاية الربع الثالث) وهي أن «مسيرة الرؤية شارك فيها القطاعان العام والخاص والقطاع الثالث غير الربحي، والأفراد من المواطنين والمقيمين، كما أنها مسيرة فتحت الباب أمام السياح لزيارة المملكة، وأتاحت الفرص للمستثمرين ليخوضوا رحلة تتجاوز الآفاق، والمضي قدمًا في تهيئة بُنية تحتية مميزة ومستدامة، لتكون بيئة العمل والمعيشة في المملكة من الأفضل عالميًا». يمكننا اختزال حكاية التنمية السعودية في الرؤية من خلال الأبعاد المحورية التي عملت عليها الدولة للوصول إلى مصاف الدولة المتقدمة على مستوى العالم، ويمكن بلورتها في: تحقيق التميز في الأداء الحكومي، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتعزيز التنمية المجتمعية وتطوير القطاع غير الربحي، وتمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته، إضافة إلى التحول الرقمي، والإسهام في تمكين القطاع الخاص، وتطوير الشراكات الاقتصادية. وحتى لا يكون استعراضنا التنموي انطباعيًا، سأورد بعض الحقائق والأرقام، والتي استندت في مصدرها على آخر تقرير منشور لبرنامج التحول الوطني، حيث عملت مبادرات البرنامج على تفعيل التحول الرقمي في الخدمات العدلية، ونجحت في رفع نسبة الخدمات العدلية المقدمة إلكترونيًا من 30 % في عام 2015 إلى 86.94 % بنهاية 2023. وساهمت مبادرات البرنامج في إعادة تأهيل أكثر من 193 ألف هكتار من الغطاء النباتي، وزيادة المساحة المحمية والمسجلة من إجمالي مساحة المملكة من 4.3 % في 2016 إلى ما يزيد على 18.8 % في 2023، فضلًا عن رفع نسبة دقة التوقع والإنذار المبكر للأخطار الجوية إلى 81.14 %. وارتفعت الطاقة الإنتاجية للمؤسســة العامة لتحلية المياه المالحة لتصـل إلى رقم غير مسبوق عالميًا بطاقة إنتاجية تصل إلى 11.5 مليون م3 من المياه المحلاة يوميًا. ولمواجهة الأزمات الغذائية، عملت المملكة على تعزيز طاقتها من الحبوب، إذ أسهمت في زيادة الطاقة التخزينية للقمح إلى 3.5 ملايين طن في عام 2023، كما كثفت جهودها لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الإستراتيجية، وذلك ضمن إستراتيجية الأمن الغذائي التي قدمت نموذجًا متميزًا للمحافظة على استقرار سلاسل الإمداد الغذائي أثناء الأزمات. وحققـت المملكـة المركـز الأول في منطقـة الشرق الأوسط وشـمال أفريقيـا مـن حيـث الاستثمار الجريء خلال 2023، مستحوذة على 52 % من إجمالي الاستثمار الجريء بقيمة قياسية بلغت 5.2 مليارات ريال، وأصبحت العاصمة الرياض وجهة استثمارية مفضلة لدى المستثمرين من مختلف أنحاء العالم، حيث تم إصدار أكثر من 180 ترخيص مركز إقليمي لشركات عالمية بنهاية 2023، كما سجلت التراخيص الاستثمارية الأجنبية الصادرة من وزارة الاستثمار أكثر من 8.500 ترخيص استثماري في 2023، بنسبة نمو تزيد على 96 %. وساهمت الجهود التي تقوم بها منظومة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مجال دعم وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل إلى تحقيق انخفاض تاريخي غير مسبوق لمعدل البطالة بين السعوديات حيث انخفضت نسبة البطالة في الربع الرابع من عام 2023 إلى 13.7 % بانخفاض قدرة (2.6) نقطة مئوية عن الربع الثالث والبالغ 16.3 %. وأثمرت جهود وتشريعات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن انخفاض معدَّل البطالة لإجمالي السكان إلى 4.4 % في الربع الرابع من عام 2023 بانخفاض قدرة (0.7-) نقطة مئوية عن الربع الثالث والبالغ بـ 5.1 %. ما استعرضناه في المقال هو غيض من فيض، وما تحقق هو أولًا وآخرًا بفضل الله ثم بمتابعة مباشرة من عرابها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي نجح في تحويل الرؤية لتكون خارطة طريق تعزز نقاط قوتنا التي وهبنا الله إياها، والمتمثلة في: موقعنا الإستراتيجي وقوتنا الاستثمارية، ومركزنا في العالمين العربي والإسلامي.. ودمتم بخير.  

ديلي ميل وتركي آل الشيخ ومراحل صناعة الترفيه

الهيئة العامة للترفيه أعلنت في فبراير الماضي أن عدد الزوار في الفعاليات والأنشطة الترفيهية خلال 2023 بلغ أكثر من 72 مليون زائر، وعدد التراخيص الصادرة أكثر من 6 آلاف ترخيص منحت في 117 مدينة، وعدد الفعاليات المصرحة بلغ 5406 فعاليات بأنواعها في الفعاليات الترفيهية والعروض الترفيهية والعروض الحية في المطاعم والمقاهي، والترخيص لـ230 وجهة ترفيهية..
في الثاني عشر من مارس الجاري، نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية مقالا مطولا للكاتب الرياضي “أولي غامب” تحدث فيه عن المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، ودوره المؤثر في صناعة الترفيه السعودي عمومًا، وتأثيره الكبير على رياضة الملاكمة وجهوده الملموسة بجعل المملكة عاصمة للملاكمة العالمية على وجه الخصوص، وبفضل جهوده باتت بلاده وجهة رئيسة لعشاق الملاكمة من جميع أنحاء العالم، وهو ما أسهم بشكل كبير في نهضة هذه الرياضة على المستوى الدولي. بعيدًا عما كتبه “أولي غامب” أتصور أنه من المهم العودة للبداية وتحديدًا منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، وعرابها الديناميكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ذهنيًا لم نكن لنتوقع حقيقة أن تكون لدينا في المملكة العربية السعودية صناعة ترفيهية بالمفهوم المتكامل الذي نعيشه اليوم ويشاهده العالم أجمع، إذن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الكثيرين هو: كيف نجحت بلادنا في أن تكون عاملًا مؤثرًا في هذه الصناعة التي سبقتنا – قبل دخولنا لها – العديد من الدول على المستويين الإقليمي والدولي؟، برأي أن الإجابة عن هذا التساؤل المشروع يضعنا أمام حالة فهم حقيقية لاستيعاب ما الذي حدث خلال السنوات الست أو السبع الماضية، لست صاحب “صنعة ترفيهية” بالمستوى المهني المتعارف عليه، إلا أني متابع جيد لحيثيات هذا الملف بشكل متعمق نوعًا ما، فما الذي فعله المستشار تركي آل الشيخ خلال السنوات الماضية وحتى اليوم؟ ما فعله هو أنه استطاع بناء صناعة الترفيه بشكل مرحلي مدروس ومنهجي جدًا، ومبتعدًا عن المحاكاة التقليدية والاستنساخ لتجارب الدول الأخرى، لذلك سأجمل بشكل مختزل مراحل تطور صناعتنا الترفيهية، وفهم ما الذي جرى. بدأت المرحلة الأولى في صناعة قطاع الترفيه بالمملكة العربية السعودية، بدراسة تجارب الدول المتقدمة في صناعة الترفيه، والتي أسميها بـ”الاستكشاف الترفيهي”، وهي في غاية الأهمية، كونها ترتبط بما نريد تحقيقه ويتوافق مع معاييرنا الوطنية والمواصفات الدولية، ويصنع بصمتنا السعودية الترفيهية. ولا تقل المرحلة الثانية أهمية عن الأولى، وهي المتعلقة بتأهيل الكوادر البشرية في قطاعات الترفيه المختلفة، فأي صناعة لا تتوفر لها البُنية البشرية المحلية، من الطبيعي أن تُصاب بالفشل على المديين القريب والمتوسط، وخلال السنين الماضية أعلنت الهيئة العامة للترفيه بقيادة المستشار تركي آل الشيخ عن تأهيل وتدريب وتوظيف الكوادر السعودية في قطاع الترفيه من خلال طرح برامج التدريب المتنوعة من الدورات المتخصصة والدبلومات الأكاديمية، والابتعاث الموجه، وتأسيس المنصات الإلكترونية التدريبية وغيرها، وكانت نتيجة هذا العمل المؤسسي ما نشاهده اليوم من وجود كفاءات وطنية مميزة تُسهم في سد الاحتياج الوطني من أبناء وبنات الوطن، وهو نموذج مثالي مقارنة بغيرها من القطاعات الاقتصادية غير النفطية الأخرى. المرحلة الثالثة لـ “صناعة الترفيه” السعودية، تتبلور في تهيئة البُنية التحتية، لاستقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية، فضلًا عن دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبناء رواد أعمال سعوديين وسعوديات متخصصين في قطاع الترفيه السعودي، يستفيدون بشكل مباشر من نمو هذه الصناعة، ويحققون مستهدفات الرؤية الطموحة. وأما المسألة الأهم، فهي المرحلة الرابعة المتمثلة في “صناعة العلامة السعودية الترفيهية”، من خلال التجارب والأعمال التي تجاوزت سمعتها للحدود الإقليمية والدولية، وأصبحنا بذلك وجهة ترفيهية حقيقية، لجميع مسارات قطاعات الترفيه، واقتبس هنا بعض ما ذكره “أولي غامب” على سبيل المثال لا الحصر، عندما ذكر أن إطلاق “موسم الرياض” كان بداية التحول لصناعة الترفيه السعودية، فضلًا عن استضافة الأحداث الترفيهية والرياضية الكبرى بمشاركة نجوم مثل كريستيانو رونالدو، وليونيل ميسي في كرة القدم، ونوفاك دجوكوفيتش في التنس، وتنظيم بطولات كرة القدم ومنافسات المصارعة والسنوكر، إلى دوره الواضح في تنظيم نزالات الملاكمة بمشاركة أبرز نجوم اللعبة مثل أنتوني جوشوا، وتايسون فيوري، وفرانسيس نغانو وغيرهم. وأما المرحلة الخامسة والأخيرة في هذه الصناعة الصاعدة بقوة، والتي نجحت السعودية أن يكون لها نصيب يتوازى مع إمكاناتها، فهي “السياحة الترفيهية”، التي تُعد أحد أهم أنواع الأنشطة السياحية والتي تجتذب عددًا كبيرًا من السائحين من مختلف دول العالم. بالأخير، سأختم بما أعلنت عنه الهيئة العامة للترفيه في فبراير الماضي (2024)، وهو مؤشر على جودة المحتوى الترفيهي وزيادة إقبال الزوار من داخل المملكة وخارجها، فقد بلغ عدد الزوار في الفعاليات والأنشطة الترفيهية خلال 2023 أكثر من 72 مليون زائر، فيما بلغ عدد التراخيص الصادرة أكثر من 6 آلاف ترخيص منحت في 117 مدينة، وأن عدد الفعاليات المصرحة بلغ 5406 فعاليات بأنواعها في الفعاليات الترفيهية والعروض الترفيهية والعروض الحية في المطاعم والمقاهي، والترخيص لـ 230 وجهة ترفيهية.. دمتم بخير.  

تيك توك.. أبعاد تمدد الصراع الأميركي – الصيني

الأزمة الحقيقية تكمن في أمرين: الأول يتعلق بما يمكن الاصطلاح عليه بـ”حرب البيانات”، فالأميركان يرون أن بياناتهم تذهب إلى الصين، وهذا خطر على الأمن القومي الأميركي.. والثاني؛ عدم امتلاك الأميركان أي سلطة تنفيذية على “تيك توك” خاصة في ظل الاحتجاجات التي تجتاح الولايات المتحدة بفعل الشباب وطلبة الجامعات الذين يشكلون شريحة نوعية من المستخدمين..
سيثبت 2024 أنه عام مضطرب آخر للعلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، خاصة في ظل العوامل التي ستهدد بعرقلة ذوبان الجليد الذي أنشأه الجانبان على مدار العام الماضي (2023)، ويبدو أن مسألة تمدد الصراع الجيوسياسي ستتفاقم هذه السنة، بعد إقرار المشرّعين الأميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في “مجلس النواب الأميركي” -بالأغلبية- مشروع قانون يرغم شركة “بايت دانس” الصينية المالكة لـ “تيك توك” ومقرها بكين، التخلي عن التطبيق في غضون 180 يومًا -أي سحب استثماراتها- وإلا سيتم حظره داخل الولايات المتحدة إذا لم تمتثل الشركة لذلك. حظي المشروع بدعم 352 مقابل معارضة 65 فقط، وهي دلالة على التأييد الكبير له في صفوف الحزبين الرئيسين في البلاد، الذين يحذرون من الخطر الكبير لـ “تيك توك” على أمن الولايات المتحدة القومي؛ لأنه يسمح للحكومة الصينية بـ”مراقبة الأميركيين والتأثير عليهم”، فهناك 170 مليون مُستخدم للتطبيق في أميركا وحدها، أي أنها تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث استخدامه. السؤال هنا: هل “تيك توك” مملوك بشكل كامل للصين؟ الإجابة لا بالطبع، وسنعود لاحقًا لتفاصيل ذلك، ولكن علينا أولًا معرفة سياسات المرشحين للانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة بين الرئيس الحالي “جو بايدن” والسابق “دونالد ترمب” تجاه مسألة حظر التطبيق، بايدن قال باختصار إنه سيوقع على التشريع حالما يصله من مجلس الشيوخ الأميركي، إلا أن الرئيس الأميركي السابق ترمب، يعارض الحظر -رغم أنه حاول حظره في عام 2020- بحجة أن ذلك سيعطي ميزة غير عادلة لـ”فيسبوك” الذي يعتبره عدو الشعب، إضافة إلى خشيته من فقدان الشباب لصوابهم في حال حظره، وذلك في إشارة واضحة إلى تأثير الموسم الانتخابي على هذه التصريحات العلنية، في ظل سعي المرشحين لاستقطاب أصوات هذه الشريحة العمرية التي تُشكل خزانًا مهمًا للأصوات الانتخابية. لكن المسألة بالنسبة لترمب مختلفة نوعًا ما، ويعزو تغيير موقفه هذا إلى علاقته المقربة بجيف ياس، وهو من المتبرعين الجمهوريين الكبار، ويملك حصة بمليارات الدولارات في “تيك توك”، لذلك تشير المعلومات المتداولة من أن مستشارة ترمب السابقة والمقربة منه، كيلي آن كونوي، تلعب دوراً بارزاً في عمليات مجموعات الضغط الداعمة للتطبيق في “الكونغرس الأميركي”. ماذا يعني فرض الحظر على “تيك توك”؟ يعني أن ملايين المستخدمين الحاليين للتطبيق الصيني في الولايات المتحدة -أكبر سوق له على مستوى العالم- لن يتمكنوا من تحديثه أو إعادة تنزيله إذا قاموا بحذفه أو أرادوا تثبيته على هاتف جديد، ومن خلال منع الوصول إلى التحديثات، بمرور الوقت، سيصبح قديمًا، لكن هذا لن يوقف استخدامه بين عشية وضحاها، إذ من الممكن أيضا أن يظل تيك توك متاحا للمستخدمين الذين يتحايلون على القانون باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية التي تقوم بتشفير حركة المرور على الإنترنت وإخفاء عناوين “IP”. الأزمة الحقيقية بشأن التجاذب الحاصل تكمن في أمرين رئيسين: الأول يتعلق بما يمكن الاصطلاح عليه بـ”حرب البيانات”، فالأميركان يرون أن بياناتهم تذهب إلى الصين، وهذا خطر على الأمن القومي الأميركي، والبيانات اليوم لا تقل أهمية عن النفط، وهي قطاع تجاري كبير يجتاح العالم.. والأمر الثاني، عدم امتلاك الأميركان أي سلطة تنفيذية على “تيك توك” خاصة في ظل الاحتجاجات التي تجتاح الولايات المتحدة الأميركية بفعل الشباب وطلبة الجامعات الذين يشكلون شريحة نوعية من المستخدمين، ويمكن الإشارة هنا إلى التعاطف الحالي مع قطاع غزة، جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي، والذي زادت رقعته بحيث لا يمكن ترقيعه من قبل الساسة، الذين وجدوا أنفسهم بفعل التطبيق في مواجهة مباشرة مع الشارع الأميركي. المسألة برمتها كما قلت في السياق السابق تتجاوز حظر التطبيق من عدمه، بل هو جزء من الصراع الأميركي الصيني الكبير، الذي سيتمدد أكثر من ذي قبل، وسيأخذ أبعادًا متعددة في كل مرحلة سياسية يعيشها العالم، فالأميركيون ما زالوا يعيشون داخل دائرة القلق الصيني المتعاظمة، ويحاولون إيقاف تقدمها السريع، باعتبارها خطرًا يهدد مركزية قوتها العالمية، وأتوقع -وسبق أن كتبت مقالات كثيرة في هذا الجانب- أشكالا مختلفة من الصراعات بين الطرفين، قبل الوصول إلى مرحلة المواجهة المُباشرة.. دمتم بخير.  

أما آن لـ«سياحتنا السعودية» التوجه لصحافة السفر؟

يتطلب من صحفيي السفر تطوير مجموعة واسعة من المعرفة حول الوجهات وأنواع السفر، وليس فقط فهم الفروق الدقيقة لتجارب السفر وأنواعها، بل ومواكبة الاتجاهات الناشئة وتفضيلات السفر المتطورة، وأحدث التطورات والتحولات في هذه الصناعة..
استكمالًا لمسار مقال الأسبوع المنصرم “تسويق وجهاتنا للخارج.. معادلة صناعتنا السياحية”، والذي شددت فيه على حاجتنا إلى عملية قيصرية لصناعة إعلام سياحي سعودي متكامل، وهو ما يتطلب من صانعي القرار تأهيلا عالي المستوى للكوادر الوطنية؛ لأن دور هذا الإعلام المتخصص يتجاوز مفهوم الترويج إلى تعظيم الأثر الاستثماري، لواحد من أهم القطاعات السعودية الواعدة اقتصاديًا، خاصة في ظل المنافسة الشديدة من الأسواق السياحية الإقليمية والدولية. في عطلة نهاية الأسبوع، انتهيت من ترجمة ورقة بحث زمالة صحافية تابعة لبرنامج معهد رويترز لدراسة الصحافة بجامعة أكسفورد بعنوان “صحافة السفر وأهميتها: أكثر من مجرد وظيفة أحلام”، لمراسلة قسم السفر في صحيفة ستريتس تايمز السنغافورية، كلارا لوك، والتي تتمتع بخبرة متراكمة في الكتابة عن اتجاهات السفر المحلية الدولية، فكتبت عن وجهات مثل كوريا الشمالية، وبوتان، والمغرب، وأوزبكستان، وتستند فلسفتها إلى صحافة السفر ونمط الحياة، إلى كونها وسيلة لاستكشاف القضايا الاجتماعية والثقافية. ورقة الزمالة الصحافية، كانت غنية بالمعلومات والتجارب بأهمية العودة لمسارات “صحافة السفر” التي ستشهد الفترة المقبلة صعودًا كبيرًا، لعدة عوامل منها: ارتفاع البصمة الكربونية السياحية، وزيادة الاتجاه إلى السياحة المُستدامة (المتجددة) في ظل تحديات التغير المناخي، فضلًا عن ارتفاع جاذبية السفر بعد انقضاء وباء كورونا، والأهم من ذلك، هو أنه ما بين 8 إلى 10 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يأتي من صناعة السفر، وفي عام 2023 رُفدت خزينة دول جنوب شرق آسيا بـ 280 مليون دولار فقط من الإنفاق الإعلاني الرقمي من خلال هذه الصناعة. ربما يعتقد البعض، أن صحافة السفر محصورة في النواحي الخدماتية، من حيث حجوزات الطيران، وكيفية بحث المسافرين عن الفنادق والمنتجعات الأرخص، وغيرها، بل إن هذا النوع من الصحافة المتخصصة، هو أعمق بكثير من ذلك، فهي مزيج حقيقي لإظهار كافة الجوانب الثقافية والاجتماعية، والترويج للمأكولات التقليدية بصبغة حضارية، ومساعدة الاقتصادات الصناعة السياحية الصغيرة في النمو، وتسليط الضوء على التزام الوجهات وقطاع الضيافة بالاستدامة البيئة، وخلق جيل من المسافرين الملتزمين بحماية الكوكب. ببساطة، فإن صحافة السفر، هي تقارير وقصص سفر شاملة تتقاطع مع قضايا مثل المناخ وتنمية المجتمع والجغرافيا السياسية، والتوترات الاجتماعية والثقافية، فضلًا عن مساهمتها في تسليط الضوء على التجارب التي ينعكس فيها إنفاق السائح على تطور ودعم السكان المحليين، أو المساعدة في توفير بدائل عن المدن ذات “السياحة المفرطة”، فضلًا عن مساعدتها القرّاء على فهم الخلفية الاجتماعية والثقافية للمكان الذي يقصدونه، حتى يتصرفوا عن معرفة؛ لعدم حدوث مشكلات أو حساسيات مع أهل البلد الذي يزورونه. وعلى الرغم من أن صحافة السفر على المستوى العالمي، ليست منتشرة بشكل كبير، إلا أن هناك العديد من المؤسسات الصحافية الغربية -وإن كانت قليلة- وضعت لها اعتبارات مهنية في غرف أخبارها، فهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) -على سبيل المثال لا الحصر- وضعت نموذجا شاملا ودقيقا وصارما لكتابها المتخصصين في قسم السفر سواء الدائمين أو المستقلين، يتم على أساسه قبول أو عدم قبول القصص أو التقارير الصحافية. يتطلب من صحفيي السفر تطوير مجموعة واسعة من المعرفة حول الوجهات وأنواع السفر، وليس فقط فهم الفروق الدقيقة لتجارب السفر وأنواعها، بل ومواكبة الاتجاهات الناشئة وتفضيلات السفر المتطورة، وأحدث التطورات والتحولات في هذه الصناعة، كما يُطلب منهم أيضًا إجراء بحث دقيق، وإظهار الحساسية الثقافية، ودعم معايير إعداد التقارير الأخلاقية، وسرد القصص المقنعة التي تتخطى السحر السطحي للوجهات. ماذا عن السعودية؟ هذا السؤال مهم للغاية على خارطتنا الإعلامية الوطنية، وأتصور أننا بحاجة ماسة إلى تفعيل مسار “صحافة السفر”؛ لدعم قطاعي “السياحة” و”الترفيه”، وهذا يتطلب تعاون الجهات ذات العلاقة من وزارة الإعلام، ووزارة السياحة، والهيئة العامة للترفيه، والهيئة السعودية للسياحة، إلى هيئة الصحافيين السعوديين، والمؤسسات المانحة، وغيرها، من أجل تبني صناعة جيل من الصحافيين المتمرسين في صناعة السفر.. دمتم بخير.  

تسويق وجهاتنا للخارج.. معادلة صناعتنا السياحية

نحن بحاجة إلى عملية قيصرية كبيرة لصناعة إعلام سياحي سعودي متكامل، وهو ما يتطلب تأهيلاً عالي المستوى، لأن دوره يتجاوز مفهوم الترويج إلى تعظيم الأثر الاقتصادي والاستثماري للقطاع..
في علم التسويق، يُعد جوهر رعاية العملاء المهمين المحتملين، عملية تعزيز للعملاء المحتملين غير الجاهزين للشراء بعد، و”التسويق السياحي” يندرج في هذا الإطار أيضًا، وهو مجموعة من الاستراتيجيات والتكتيكات التي تستخدم لتعزيز الوجهات السياحية والخدمات المرتبطة بها، مثل الفنادق، والمطاعم، والجولات السياحية والأنشطة الترفيهية. وللاستزادة، فإن “التسويق السياحي” يهدف في المقابل إلى جذب الزوار من الداخل والخارج، وتحفيزهم على زيارة الوجهات والتعرف على ثقافتها وتراثها ومعالمها السياحية وزيادة الإيرادات المتعلقة بهذه الصناعة، وليس ذاك فحسب، بل يسهم في تعزيز الصورة العامة للوجهات، وتحسين سمعتها وجذب المزيد من الاستثمارات والعملاء من الأسواق السياحية الإقليمية والدولية. ملف “الصناعة السياحية”، هو من الملفات المحورية لتعظيم أثر الاقتصاد السعودي المتنوع، لذلك يحظى باهتمام كبير من قيادتنا، كونها تُعد على مستوى العالم من أهم الصناعات التي تساهم بنسبة معتبرة في الناتج القومي للعديد من الدول، فضلًا عن أنها إحدى ركائز اقتصاداتها الأساسية، وبالنسبة لبعض الدول، أصبحت مصدر الدخل الأول من دون منازع، نظرًا للعائد الذي توفره لخزينتها العامة. هناك تحركات كبيرة وإيجابية للحكومة السعودية في ترويج وجهاتها وتجاربها السياحية خلال الفترة الماضية، من خلال الهيئة السعودية للسياحة التي تُعد إحدى ركائز المنظومة السياحية التابعة لوزارة السياحة، وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها الهيئة، إلا أن هناك تحديات تواجهنا -كما الدول الأخرى- والتي تتمثل في المنافسة الشديدة في هذا القطاع المحوري، الذي نعول عليها كثيرًا في رسم معالم اقتصادنا المقبل، لذا كان إقرار مجلس الوزراء تنظيم الهيئة السعودية للسياحة، خطوة نوعية لإبراز المملكة بصفتها وجهة سياحية عالمياً ومحلياً، وجذب الزوار إليها، والعمل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالوجهات السياحية على إنشاء مكاتب تسويق لها، والإشراف على خطط التسويق السياحي في المكاتب، وتحديد مستهدفات الزيارة، والإنفاق بما يعزز دور القطاع الخاص فيها. ما يريده السائح، والشركاء التجاريون في الصناعة السياحية، هو مدى توفر وموثوقية المعلومات، لذلك ما يهم في هذا الإقرار، خطوة الهيئة في إنشاء قاعدة بيانات تحتوي على جميع المواقع والوجهات السياحية والمنتجعات والخدمات والفعاليات وتحديثها دورياً، بالتعاون مع الجهات المعنية، وكذلك مباشرة الأعمال ذات الصلة بالترويج والتوزيع للعمرة، بما في ذلك تطوير وإدارة أي منصة تعد لهذا الغرض، بالتنسيق مع الأجهزة ذات العلاقة، والعمل أيضاً على قياس تجربة الزائر، ووضع المعايير والأدوات والآليات اللازمة، وتحديد الأولويات والتحديات التي تواجه السائح، ومشاركة النتائج وتقارير الأداء مع وزارة السياحة. الدول التي نجحت في استقطاب السياح لزيارتها، كان من أهم عوامل نجاحها، مدى جاهزية المواقع لاستقبال الزوار، لذا ستقترح الهيئة التصاميم والسياسات والإجراءات اللازمة لتهيئة تطوير المواقع والوجهات السياحية التي تحتاج إلى تأهيل أو تحديث، ورفعها إلى وزارة السياحة، بالإضافة إلى العمل مع الشركات والمؤسسات المحلية والعالمية المتميزة، لتقديم منتجات وأدوات ذات محتوى احترافي، والاستفادة من خبراتها في التسويق السياحي بالمملكة. وفقًا للتنظيم الجديد، ستضع الهيئة الخطط الإعلامية الداعمة للتسويق السياحي، وتنفيذها داخل المملكة وخارجها، وعقد وتنظيم الملتقيات والمؤتمرات والمنتديات والمعارض السياحية داخل السعودية وخارجها، والمشاركة فيها بالتنسيق مع الجهات المعنية. وبعيدًا عن التنظيم الجديد، فأحد أهم التحديات التي نواجهها في تسويق وجهاتنا وتجاربنا السياحية على المستويين الإقليمي والدولي، يتمثل في عدم وجود رؤية إعلامية متخصصة، تتعلق بـ “الإعلام السياحي” فما زالت بعض صحفنا وقنواتنا تتعامل مع هذا الملف بصورة مجتزأة، نحن بحاجة إلى عملية قيصرية كبيرة لصناعة إعلام سياحي سعودي متكامل، وهو ما يتطلب تأهيلاً عالي المستوى، لأن دوره يتجاوز مفهوم الترويج إلى تعظيم الأثر الاقتصادي والاستثماري للقطاع.. دمتم بخير.  

المحتوى المحلي في صناعة «تحلية» المياه السعودية

الحديث عن توطين الصناعات الواعدة في هذا المجال يؤكد ثمار التركيز على تطبيق المحتوى المحلي في كافة الجهات، من خلال توطين صناعة 12 معدة وسلعة استراتيجية في هذه الصناعة، ونقل معرفة صناعة المكونات الأساسية لهذا القطاع..
منذ إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لرؤية السعودية 2030 في أبريل 2016، برز على مصطلحات الدولة مصطلح جديد لم يعتد عليه مشهدنا الاقتصادي الوطني، والمتمثل في “المحتوى المحلي”،  وهو مصطلح اقتصادي بالدرجة الأولى يشير إلى تعزيز الإنفاق المحلي في المشروعات والمشتريات، وذلك عن طريق شراء منتجات مصنعة محليًا، أو الاستفادة من خدمات تقدمها قوى عاملة محلية، مما يسهم في تدوير الاقتصاد داخل البلاد، ويدعم الصناعات المحلية، وهو ما يعزز فعليًا من تنافسية اقتصادنا السعودي، بعيدًا عن حسابات وتقلبات أسعار النفط. وبعد مرور هذه السنين، على بروز “المحتوى المحلي”، بتنا وبشهادة الجميع، نراه واقعًا سعوديًا مُعاشًا، بفضل الله أولًا وآخرًا، ثم بفضل الرؤية الطموحة، حيث تحول إلى هدف استراتيجي مُستدام، بالتوازي مع اتساع آفاق استراتيجياتها المستقبلية وانفتاحها على الاستثمارات العالمية، واستشعاراً للأثر الذي يحققه تبني هذا المفهوم في كافة المسارات الاقتصادية الداعمة للناتج الوطني، من خلال المحافظة على إبقاء أكبر قدر ممكن من الإنفاق المالي على المشتريات، من قبل الفئات المستهدفة سواء كانت جهات حكومية أو خاصة أو حتى من الأفراد. ومع مؤشرات التقدم في نسب المحتوى المحلي التي يتم قياسها ورصدها بشكل مستمر، ومن المناسب هنا الاستشهاد هنا بما ذكره الرئيس التنفيذي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية عبدالرحمن السماري، قبل فترة وجيزة في منتدى صندوق الاستثمارات العامة، إلى أن نسبة المحتوى المحلي في المملكة وصلت حالياً إلى 43 %، وهو ما يعني الارتباط المباشر برؤيتنا الطموحة، وهنا يجدر بنا التركيز على مدى نجاح الجهات المسؤولة بإبراز هذا المفهوم وأثره في بناء القدرات المحلية، ودوره في تنويع المحفظة الاقتصادية، وتوفير الوظائف وتأمين سلاسل الإمداد. وفي ضوء هذا الإنفاق على المحتوى المحلي الذي يتضاعف منذ بداية برامج الرؤية، وتأسيس “هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية”، من المهم إدراك مدى التفاعل المتنامي بشكل متسارع وفق المؤشرات والإحصائيات، والإقبال على السلع والخدمات المحلية كخيار أول للقطاعين الحكومي والخاص، وفق أسس منهجية ذات عوائد مربحة لكافة الأطراف. بيد أن التنافسية التي أحدثتها الهيئة أخيراً بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، تسهم في إبراز هذا النمو، وتعزيز الصناعات المحلية، ومضاعفة الفرص الاستثمارية لزيادة القدرات المحلية في القطاعات الإستراتيجية، علاوة على تطوير الصناعة المحلية وفق مستهدفات الرؤية. ومن الحيثيات الإيجابية التي بلورتها “هيئة المحتوى المحلي” ابتكار “جائزة المحتوى المحلي”، التي تستهدف الجائزة تحفيز وتكريم القطاعين العام والخاص، والشركات المملوكة للدولة، وذلك لزيادة المحتوى المحلي في مختلف القطاعات وتطوير أدائها في تنفيذ العقود والمشاريع، بهدف تعزيز الإمكانات المحلية وتعظيم الفائدة من القوة الشرائية الوطنية، لبناء اقتصاد قوي ومستدام. وما التنافس الواسع الذي شهدته الجائزة في نُسختها الثانية الأخيرة من كافة القطاعات، إلا دليل على رؤيتها في تحفيز منظومة الاقتصاد الوطني للمساهمة في تعزيز المحتوى المحلي، ونهنئ هنا “المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة” لحصولها على المرتبة الأولى، وذلك للمرة الثانية على التوالي، التي برزت كنموذج متقدم في تبنيها مفهوم المحتوى المحلي، بوصفه ركيزة أساسية في مشاريعها عالية الإنفاق بالتزامها الكامل وبنسبة 100 % بسياسات المحتوى المحلي، وارتفاعها بشكل متسارع لتتخطى نسبة المحتوى المحلي المحققة في المؤسسة 64 % في عام 2023، أمام هدف معلن بالوصول إلى نسبة 70 % في 2030. التركيز على تبني المحتوى المحلي كركيزة أساس في بناء مستقبل قطاع المياه السعودي عموماً والتحلية خاصة، ينبئ عن شغف في مواجهة تحديات أكثر لتحقيق نتائج أكبر تواصل الارتقاء بصناعة تحلية المياه السعودية وتعزيز ريادتها عالمياً وتمكين المحتوى المحلي من كل ذلك، فضلًا عن توطين المعارف من خلال الابتكار. الحديث عن توطين الصناعات الواعدة في هذا المجال يؤكد ثمار التركيز على تطبيق المحتوى المحلي في كافة الجهات، من خلال توطين صناعة 12 معدة وسلعة استراتيجية في هذه الصناعة، ونقل معرفة صناعة المكونات الأساسية لهذا القطاع، استمراراً لما أعلنته سابقاً من إعلان توطين ونقل معرفة صناعة أغشية التناضح العكسي والاستثمار في توطينها، ضمن خمس مبادرات في هذا الاتجاه بالشراكة مع المحتوى المحلي، وسيخلق توطينها قيمة صناعية جديدة تساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، ويوافق التطلعات في استثمار الكفاءات والقدرات، ودعم الاقتصاد الدائري. وإلى جانب التحلية هناك العديد من النماذج التي يعول عليها في تطوير اعتماديتها على المحتوى المحلي، ومنها شركات صندوق الاستثمارات العامة التي حققت نسبة عالية من المحتوى المحلي، بلغت بنهاية العام الماضي 46 %، وتستهدف الوصول إلى 60 % في العام القادم 2025، وترصد مؤشرات القياس توجه الكثير من الجهات إلى اعتماد سياسة التوجه المحلي لتحقيق نسب متقدمة، عبر توطين السلع والخدمات واستثمار القوى العاملة بتطوير المهارات وبناء القدرات.