كيف تنظر واشنطن لأهداف الصين العسكرية في الشرق الأوسط؟

بالنسبة لأميركا؛ يُعدّ التخلي عن عدم المرونة ومشاركة التكنولوجيا مع الشركاء الإقليميين إحدى الطرق لتعزيز الشراكة الأمنية بما يتجاوز مجرد الالتزام بالموارد العسكرية على الأرض، لكن إذا ما تم تنفيذ ترتيبات حذرة ومدروسة في مجال مشاركة التكنولوجيا الدفاعية، يمكن تحقيق هدفين: تعزيز العلاقة الدفاعية مع الدولة الشريكة وفرض قيد هيكلي آخر على علاقة أي دولة ثالثة مع بكين، من خلال طلب ضمانات بشأن المعلومات الأميركية..

التحديث العسكري السعودي.. الدلالات التطويرية

هناك تحول مؤسسي لوزارة الدفاع عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسة الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري..
تعي السعودية جيدًا وبعمق الأبعاد المرتبطة باستقرار وأمن محيطها الإقليمي والتحديات التي يواجهها -خاصة أنها منطقة غير مستقرة- وفي إطار تشكيل ذلك عملت القطاعات ذات العلاقة بشكل مؤسسي ومنهجي على تحديث قدرات المملكة العسكرية من حيث عتادها التسليحي الدفاعي وأصولها البشرية، فكانت رؤية السعودية 2030، منطلقًا مركزيًا لتوطين الصناعات العسكرية. ما دفعني للكتابة عن الموضوع، ما كشفه موقع “غلوبال فاير باور” عن تصنيفه السنوي لأقوى الجيوش في العالم والذي يتضمن 145 دولة تختلف مكانتها من عام لآخر وفقا لعدد من المحددات التي تتضمن الوحدات العسكرية والمكانة المالية إلى القدرات اللوجستية والجغرافيا. وفقًا للتصنيف، حلت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية على مستوى الجيوش العربية، والمرتبة الـ 23 عالميًا، ولم يكن هذا التقدم ليحصل -لولا توفيق الله- في منظومتنا العسكرية الوطنية، إلا بوجود عزم واضح لدى الدولة في توطين الصناعات العسكرية، وهو محور لا يمكن تجاوزه إذا ما أردنا استيعاب تحديث التسليح السعودي، ومن المناسب الاستئناس بما أشارت له الهيئة العامة للصناعات العسكرية على موقعها الرسمي، من أن نسبة التوطين بنهاية 2022 بلغت 13.7 %، بينما الهدف الوصول إلى نسبة توطين ما يزيد على 50 % من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول العام 2030، لذلك تعمل الهيئة وبشكل تكاملي مع شركائها من القطاعين العام والخاص على توطين قطاع الصناعات العسكرية في المملكة من خلال تمكين المُصنّعين المحليين والدوليين، وفتح أبواب التراخيص لهم للاستثمار في بيئة صناعية عسكرية جاذبة تحظى بفرص استثمارية نوعية ومُحفزات تساهم في تمكين المستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى تمكين الكفاءات الوطنية من المساهمة في دعم مسيرة التوطين الطموحة. من المسارات المهمة لفهم إطار التطور العسكري السعودي، المقابلة المهمة التي أجراها الدكتور خالد البياري مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية في فبراير الماضي (2024)، مع صحيفة الشرق الأوسط، والتي أنصح بإعادة قراءتها من قبل المراقبين والمهتمين. هناك تحول مؤسسي لوزارة الدفاع عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسة الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري. زمن الملامح الرئيسة التي جاءت في المقابلة الصحافية، أن أحد الأهداف الاستراتيجية لوزارة الدفاع، هو تأصيل قطاع الصناعات العسكرية، من خلال العمل مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية، على توطين الكثير من المنظومات، سواء توطين صناعتها أو توطين مساندتها، فالعقود التي تم توقيعها مؤخرًا على سبيل المثال تشتمل على مشاركة صناعية، سواء كان في التصنيع أو المساندة المحلية، وهناك هدفان أساسيان لهذه الخطوة؛ الأول الاعتماد على صناعة تدعم رفع الجاهزية العسكرية لقواتنا المسلحة، والهدف الثاني متمثل في الأثر الاقتصادي، كون هذه المشاريع تولد وظائف وتساهم في زيادة حراك الاقتصاد. وجزء لا يتجزأ من تطور الأداء العسكري السعودي بما نشاهده اليوم وتؤكده المؤسسات العالمية المتخصصة، يتبلور في بدء وزارة الدفاع السعودية مرحلة إعادة هيكلة القوات المختلفة التي تشمل القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، بعدما تمت إعادة هيكلة رئاسة هيئة الأركان العامة وبناء القوات المشتركة. النجاح الذي نستشعره كمواطنين في القدرات العسكرية كان بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي تركز على أهمية استغلال القدرات الشرائية لوزارة الدفاع والوزارات العسكرية والأمنية الأخرى.. دمتم بخير.  

«حكاية التنمية» بعد ثماني سنوات من رؤية السعودية 2030

يمكن بلورة حكاية التنمية في: تحقيق التميز في الأداء الحكومي، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتعزيز التنمية المجتمعية وتطوير القطاع غير الربحي، وتمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته، إضافة إلى التحول الرقمي، والإسهام في تمكين القطاع الخاص، وتطوير الشراكات الاقتصادية..
تتمثل أهم مُحددات التاريخ التنموي السعودي الحديث، بإطلاق رؤية السعودية 2030 في 25 أبريل 2016، والذي كان بمثابة الرافعة الاقتصادية غير التقليدية للمملكة، والنقلة النوعية التي شهدنا آثارها بعد ثماني سنوات من رؤيتنا الطموحة، ويُشكل في مجموعه العام تنمية غير نفطية بمختلف الاقتصادات الواعدة. نستطيع اليوم كمواطنين ونحن على مشارف الذكرى الثامنة من الرؤية، أن نتلمس الآثار ليس على منظومتنا الاقتصادية فقط، بل حتى على مستوى حياتنا الشخصية والمعيشية والمهنية والتطويرية، فضلًا عن كيفية مواجهة الدولة للتحديات المتوقعة وغير المتوقعة، وما زالت هناك تحديات، وسنتجاوزها بمشيئة الله؛ لأننا نملك طموحًا عاليًا، يتوافق مع مكانة بلادنا الإقليمية والدولية. شهدنا تحولًا وطنيًا جذريًا، واقتبس هنا بتصرف كلمة مهمة تختزل الأبعاد المتعددة لرؤية السعودية 2030، لمعالي الأستاذ محمد بن مزيد التويجري، وهو رئيس لجنة برنامج التحول الوطني/ عضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في تقرير التحول الوطني لعام 2023 (مع نهاية الربع الثالث) وهي أن «مسيرة الرؤية شارك فيها القطاعان العام والخاص والقطاع الثالث غير الربحي، والأفراد من المواطنين والمقيمين، كما أنها مسيرة فتحت الباب أمام السياح لزيارة المملكة، وأتاحت الفرص للمستثمرين ليخوضوا رحلة تتجاوز الآفاق، والمضي قدمًا في تهيئة بُنية تحتية مميزة ومستدامة، لتكون بيئة العمل والمعيشة في المملكة من الأفضل عالميًا». يمكننا اختزال حكاية التنمية السعودية في الرؤية من خلال الأبعاد المحورية التي عملت عليها الدولة للوصول إلى مصاف الدولة المتقدمة على مستوى العالم، ويمكن بلورتها في: تحقيق التميز في الأداء الحكومي، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتعزيز التنمية المجتمعية وتطوير القطاع غير الربحي، وتمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته، إضافة إلى التحول الرقمي، والإسهام في تمكين القطاع الخاص، وتطوير الشراكات الاقتصادية. وحتى لا يكون استعراضنا التنموي انطباعيًا، سأورد بعض الحقائق والأرقام، والتي استندت في مصدرها على آخر تقرير منشور لبرنامج التحول الوطني، حيث عملت مبادرات البرنامج على تفعيل التحول الرقمي في الخدمات العدلية، ونجحت في رفع نسبة الخدمات العدلية المقدمة إلكترونيًا من 30 % في عام 2015 إلى 86.94 % بنهاية 2023. وساهمت مبادرات البرنامج في إعادة تأهيل أكثر من 193 ألف هكتار من الغطاء النباتي، وزيادة المساحة المحمية والمسجلة من إجمالي مساحة المملكة من 4.3 % في 2016 إلى ما يزيد على 18.8 % في 2023، فضلًا عن رفع نسبة دقة التوقع والإنذار المبكر للأخطار الجوية إلى 81.14 %. وارتفعت الطاقة الإنتاجية للمؤسســة العامة لتحلية المياه المالحة لتصـل إلى رقم غير مسبوق عالميًا بطاقة إنتاجية تصل إلى 11.5 مليون م3 من المياه المحلاة يوميًا. ولمواجهة الأزمات الغذائية، عملت المملكة على تعزيز طاقتها من الحبوب، إذ أسهمت في زيادة الطاقة التخزينية للقمح إلى 3.5 ملايين طن في عام 2023، كما كثفت جهودها لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الإستراتيجية، وذلك ضمن إستراتيجية الأمن الغذائي التي قدمت نموذجًا متميزًا للمحافظة على استقرار سلاسل الإمداد الغذائي أثناء الأزمات. وحققـت المملكـة المركـز الأول في منطقـة الشرق الأوسط وشـمال أفريقيـا مـن حيـث الاستثمار الجريء خلال 2023، مستحوذة على 52 % من إجمالي الاستثمار الجريء بقيمة قياسية بلغت 5.2 مليارات ريال، وأصبحت العاصمة الرياض وجهة استثمارية مفضلة لدى المستثمرين من مختلف أنحاء العالم، حيث تم إصدار أكثر من 180 ترخيص مركز إقليمي لشركات عالمية بنهاية 2023، كما سجلت التراخيص الاستثمارية الأجنبية الصادرة من وزارة الاستثمار أكثر من 8.500 ترخيص استثماري في 2023، بنسبة نمو تزيد على 96 %. وساهمت الجهود التي تقوم بها منظومة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مجال دعم وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل إلى تحقيق انخفاض تاريخي غير مسبوق لمعدل البطالة بين السعوديات حيث انخفضت نسبة البطالة في الربع الرابع من عام 2023 إلى 13.7 % بانخفاض قدرة (2.6) نقطة مئوية عن الربع الثالث والبالغ 16.3 %. وأثمرت جهود وتشريعات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن انخفاض معدَّل البطالة لإجمالي السكان إلى 4.4 % في الربع الرابع من عام 2023 بانخفاض قدرة (0.7-) نقطة مئوية عن الربع الثالث والبالغ بـ 5.1 %. ما استعرضناه في المقال هو غيض من فيض، وما تحقق هو أولًا وآخرًا بفضل الله ثم بمتابعة مباشرة من عرابها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي نجح في تحويل الرؤية لتكون خارطة طريق تعزز نقاط قوتنا التي وهبنا الله إياها، والمتمثلة في: موقعنا الإستراتيجي وقوتنا الاستثمارية، ومركزنا في العالمين العربي والإسلامي.. ودمتم بخير.