أعتقد أن التحول في وزارة الصحة، ونقل تقديم خدمات الرعاية الصحية إلى الشركة القابضة، سيحقق أقصى فاعلية من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، حيث سيُمكنها ذلك من تفعيل جهودها في تحسين خدمة المريض واحتياجاته من خلال التركيز على دورها التنظيمي والإشرافي، بجانب تمكين المنظومة الصحية والموظفين من تقديم الخدمة الصحية بالطريقة والوقت المناسبين، لخلق مجتمع ينبض بالصحة..
وضعت رؤية السعودية الإنسان ضمن أهم أهدافها وأولوياتها الإستراتيجية، ومن ذلك رفع مستوى تقديم الرعاية الصحية وفقًا للمعايير والمواصفات العالمية، مع التركيز على سهولة وصول الخدمات الصحية إليه. وفي ظل مسيرة التطور الصحي السعودي، أطلقت وزارة الصحة المرحلة الثانية من تحول القطاع الصحي، بانتقال 3 تجمعات صحية، وهي: تجمع الشرقية الصحي، وتجمع القصيم الصحي، وتجمع الرياض الصحي، من الوزارة إلى شركة الصحة القابضة، حيث سبق تلك الانطلاقة انتهاء الوزارة من المرحلة الأولى للتحول الصحي في نهاية العام 2023، بإطلاق 20 تجمعًا صحيًا، وسيتم انتقال التجمعات الصحية تدريجيًا حسب الجاهزية، لخدمة المستفيدين في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية.
ربما السؤال هنا هو: ماذا تعني هذه الخطوة؟ تعني وزارة الصحة في تحولها التركيز على “الوقاية قبل العلاج”، وذلك عبر إعادة تنظيم الأدوار للارتقاء بالخدمات الصحية، وفصل المهام والأدوار، وسينعكس ذلك على دورها من منظم ومقدم خدمات وممول، إلى التركيز على المهام التنظيمية والإشرافية على منظومة الصحة، وبناءً عليه ستنتقل مهام الخدمات الصحية منها إلى شركة الصحة القابضة، من خلال تلك التجمعات الصحية العشرين المرتبطة بها، والتي تغطي كافة مناطق المملكة العربية السعودية.
وأنوه هنا إلى أن شركة الصحة القابضة هي شركة مملوكة للدولة، وستولي تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة للمستفيدين في جميع مناطق المملكة، وفقًا لنموذج الرعاية الصحية الحديث بمساراته المختلفة، وأَعلم يقينًا من خلال بحثي حول منظومة التحول الصحي، أن هذه التجمعات الصحية ستُطبق نموذج الرعاية الصحية الحديث، الذي يهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية والاهتمام بصحة الإنسان من مُنطلق الوقاية قبل العلاج.
وضمن برنامج التحول الصحي، افتتحت وزارة الصحة ضمن رؤيتها للتحول الصحي، 9 مراكز رعاية عاجلة متطابقة مع متطلباتها في التجمعات الصحية، بالإضافة إلى تفعيل مستوى الرعاية الافتراضية وخدمات الرعاية المنزلية، والذي كان له أثر واضح في تقليل المدة التي يتم فيها التدخل العلاجي، والتقليل من مدة انتظار العمليات الاختيارية، وزيادة التحكم، حيث لفتني ما تم اكتشافه من حالات سرطانية مختلفة في مراحلها المبكرة؛ مما ساهم في سرعة تقديم الرعاية الصحية، وتخفيف الآثار المترتبة على التشخيص المتأخر، وارتفاع نسبة رضا المستفيدين.
وأعتقد أن التحول في وزارة الصحة، ونقل تقديم خدمات الرعاية الصحية إلى الشركة القابضة، سيحقق أقصى فاعلية من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، حيث سيُمكنها ذلك من تفعيل جهودها في تحسين خدمة المريض واحتياجاته من خلال التركيز على دورها التنظيمي والإشرافي، بجانب تمكين المنظومة الصحية والموظفين من تقديم الخدمة الصحية بالطريقة والوقت المناسبين، لخلق مجتمع ينبض بالصحة، إضافة إلى تحقيق أحد أهم مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي ترتكز على الحفاظ على صحة الإنسان وهي: تحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية، وتسهيل الحصول على الخدمات الصحية، وتعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية.
وبما أن الإنسان هو أساس محور التحول الصحي، والتحول الكبير في مفهوم الرعاية الصحية، فالوزارة تسعى بذلك إلى تعزيز جودة الخدمات الصحية، وتحسين مستويات رضا المستفيدين من الخدمات الصحية، وبالتأكيد فإن تركيز الوزارة في مهامها التنظيمية والإشرافية، سيعزز من المنظومة الصحية في المملكة، لتصبح منظومة فعّالة ومتكاملة، تركز على صحة المواطنين، من خلال تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض، وتحسين وصول المواطنين إلى الخدمات الصحية في كافة المناطق، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى الارتقاء بجودة الخدمات الصحية، وبناء منظومة استباقية تهدف إلى الوقاية قبل العلاج.
أستطيع القول: إن رحلة التحول الصحي تحدد ملامح مستقبل الرعاية الصحية السعودية، حيث حققت في المرحلة الأولى العديد من المكتسبات التي انعكست على جودة حياة المواطنين، وسهّلت لهم سرعة الوصول إلى الخدمات الصحية، ونتوقع مع اكتمال انتقال كل التجمعات الصحية إلى شركة الصحة القابضة، أن ذلك سيسهم بمشيئة الله في تحقيق المأمول، والمعني برفع متوسط عمر السكان إلى 80 عامًا بحلول عام 2030، والوصول إلى ذروة العيش الصحي.. ودمتم بخير.