المملكة تعمل بجد للدخول بقوة في صناعة الرقائق الإلكترونية، فمع تزايد شعبية ألعاب الفيديو يزداد الطلب على أجهزة الكمبيوتر ووحدات التحكم والأجهزة الذكية، ونتيجة لذلك، يزداد الطلب على الرقائق، إلى جانب استفادة صناعة الألعاب من الابتكار والتطور في صناعة الرقائق لإنتاج شرائح معالجة أفضل وأسرع..
في يناير 2024، نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المستقبلية، مقالًا تحليليًا موسعًا، تحت عنوان “دوافع تنامي الاستثمار في الألعاب الإلكترونية بالشرق الأوسط” استعرض خلاله مجموعة العوامل التي أدت إلى تعزيز الاستثمارات الموجهة نحوه من الحكومات أو القطاع الخاص، ومما جاء فيه أن إيراداته في عام 2022 بلغت 182.9 مليار دولار، ليس هذا هو المهم، بل ما حدث في السنوات الأخيرة من توسع الأسواق الرئيسة لألعاب الفيديو، ففي الماضي كانت الأمور محصورة في أميركا الشمالية وأوروبا، لكن بتنا نشهد اليوم نموًا سريعًا في المنطقة، بسبب زيادة الاستثمارات الحكومية.
ومن الدول التي استعرضها المركز “السعودية” التي باتت وجهتها لصناعة الألعاب الإلكترونية، ودوننا بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية التي شارك فيها أكثر من 500 فريق عالمي، واختتمت الأسبوع الفارط بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
السؤال الفضولي الذي أطرحه هنا: ماذا تريد السعودية من ضخ استثماراتها في هذا القطاع، على الرغم من وجود منافسين أقوياء أمامها؟ الجواب سيكون بـلغة “الأرقام الاقتصادية” وليس بـ”التعابير الانطباعية” لتصل المعلومة بشكل سلس، فدول المنطقة – ومن بينها مملكتنا – تعمل على تعزيز مكانتها كمركز رئيس لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، مدفوعة بالنمو السريع في أعداد المستهلكين والمنتجين والمطورين، ومصحوبًا بالتطور التكنولوجي الرقمي، والدعم الحكومي الموجه له.
تشير تقديرات شركة “نيكو بارتنرز” (Niko Partners) إلى أن إيرادات الألعاب في المنطقة، ومن بينها السعودية التي تُعد من الأسواق الرئيسة، سترتفع في عام 2026 إلى 2,8 مليار دولار بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 10 %، مع توقعات بأن يرتفع عدد اللاعبين إلى 87.3 مليوناً في 2026 بمعدل نمو سنوي يبلغ حوالي 6 %.
وبالعودة إلى السعودية، هل نعلم أنه تم تصنيف حوالي 23.5 مليون سعودي كعشاق للألعاب، فمن المُتوقع أن ينمو استهلاك الألعاب في بلادنا إلى 25 مليار ريال في عام 2030، واطلعت مؤخرًا على تفاصيل حوار صحافي مع الرئيس التنفيذي لـ«سافي» براين وارد –إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة- أوضح فيه معلومات محورية، منها أن “الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية” قام بعمل كبير لتطوير الفرق، فقد كان لدينا فريقان فقط يمثلان المملكة منذ 6 سنوات، أما الآن فلدينا أكثر من 100 فريق. وذكر أن 5 % من اللاعبين المحترفين في العالم للألعاب الإلكترونية هن نساء، و«لكن في السعودية تصل هذه النسبة إلى 20 %”.
كما أعلنت الشركة سابقًا عن استثمار 142 مليار ريال للتحول إلى مركز للرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030، إذ ستنفق 50 مليار ريال لشراء وتطوير ناشر للألعاب الإلكترونية، و70 مليار ريال للاستحواذ على حصص أقلية في شركات الألعاب.
ليس ذاك فحسب بل إن السعودية أطلقت “الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية”؛ لتعزيز مساهمة القطاع في اقتصادنا الوطني لتصل إلى أكثر من 50 مليار ريال سنوياً بحلول 2030، بالإضافة إلى تأسيس 250 شركة ألعاب داخل المملكة، وتطوير أكثر من 30 لعبة فيها تُصنف من بين أفضل 300 لعبة على مستوى العالم بحلول 2030، لذا كانت بلادنا الأسرع نمواً على مستوى العالم في القطاع بإيرادات وصلت إلى 1.13 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 1.21 مليار دولار في العام الحالي، و1.28 مليار دولار في 2025، و1.36 مليار دولار في 2026، وهو معدل نمو سنوي مركب يزيد على 6 %.
لكن هناك جانب ربما لم يأخذ حظه من النقاش، وهو أن المملكة تعمل بجد من خلال نافذة هذا القطاع على الدخول بقوة في صناعة الرقائق الإلكترونية، فمع تزايد شعبية ألعاب الفيديو، يزداد الطلب على أجهزة الكمبيوتر ووحدات التحكم والأجهزة الذكية، ونتيجة لذلك، يزداد الطلب على الرقائق، إلى جانب استفادة صناعة الألعاب من الابتكار والتطور في صناعة الرقائق لإنتاج شرائح معالجة أفضل وأسرع.. دمتم بخير.