حققت مبادرة “طريق مكة” خلال السنوات القليلة الماضية نجاحات متوالية؛ لكونها برأيي تنطلق من هندسة معيارية في اختيار البلدان التي سيتم إدراجها في كل موسم، وهو لب النجاح بعد توفيق الله عز وجل؛ لأنها دراسة مستفيضة تجمع بين محددات معينة..
لطالما كانت خدمة حجاج بيت الله الحرام بالنسبة للسعودية إطارًا محوريًا يتجاوز المفهوم التقليدي من حيث أداء وتقديم الخدمات لضيوف الرحمن، إلى وعي قيمي يتشكل في تعاطي القيادة مع هذه الشعيرة المقدسة التي يفد إليها الحجيج من كل فج عميق، وهم يأملون أداء نسكهم بكل يسر وطمأنينة.
منذ عقود والجهات المؤسسية المعنية بالحج تعمل باستمرار ومن دون توقف في كل ما من شأنه تيسير الأمور على ضيوف الرحمن، وهي نقطة غاية في الأهمية إذا ما أردنا إدراك تفاصيل ما تقوم به السعودية اليوم في هذا الاتجاه، حيث المعادلة التي تقوم عليها تتمحور بكل بساطة وعمق حيال تفاعلاتها حول السؤال التالي: كيف نستطيع أن نجعل من الحج رحلة إيمانية لا تنسى بالنسبة لضيوف الرحمن؟ وبناء على ذلك خرجت المبادرات التنفيذية تلو المبادرات، واجتمعت وتوحدت كافة القطاعات المعنية لدراسة التحديات وتذليل الصعوبات؛ لتقديم أقصى درجات الجودة الخدماتية لهذه الشعيرة المقدسة.
من المبادرات التي أثبتت نجاحها المرحلي مبادرة “طريق مكة” والتي أطلقتها وزارة الداخلية وشركاؤها ضمن برنامج “خدمة ضيوف الرحمن”، أحد برامج رؤية السعودية 2030، وهي تهدف إلى استقبال ضيوف الرحمن، وإنهاء إجراءاتهم من بلدانهم بسهولة ويسر، بدءًا من إصدار التأشيرة إلكترونيًا، وأخذ الخصائص الحيوية، مرورًا بإنهاء إجراءات الجوازات في صالة المبادرة بمطار بلد المغادرة بعد التحقق من توفر الاشتراطات الصحية، إضافة إلى ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة العربية السعودية، بحيث ينتقلون مباشرة عند وصولهم إلى حافلات تقلهم إلى مقار إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بمسارات مخصصة، في حين تتولى الجهات الخدمية إيصال أمتعتهم إلى مساكنهم.
حققت مبادرة “طريق مكة” خلال السنوات القليلة الماضية نجاحات متوالية؛ لكونها برأيي تنطلق من هندسة معيارية في اختيار البلدان التي سيتم إدراجها في كل موسم، وهو لب النجاح بعد توفيق الله عز وجل؛ لأنها دراسة مستفيضة تجمع بين محددات معينة.
في موسم حج 1444هـ سيتم تنفيذ المبادرة في سبع دول، هي: ماليزيا، وإندونيسيا، وباكستان، والمغرب، وبنغلاديش، وتركيا، وساحل العاج (كوت ديفوار)، وبمشاركة من وزارات “الخارجية والصحة والحج والعمرة” والهيئة العامة للطيران المدني وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، والمديرية العامة للجوازات.
وللاستذكار التاريخي فإن وزارة الداخلية بدأت بتنفيذ مبادرة “طريق مكة” في موسم حج 1439هـ بدولتي “ماليزيا وإندونيسيا”، وفي العام الذي يليه أدرجت خمس دول وهي: تونس وباكستان وبنغلاديش للمبادرة، وفي هذا العام انضمت المغرب إلى دول باكستان وماليزيا وأندونيسيا وبنغلاديش.
وإذا أردت أن تعرف أبعاد هذه المبادرة التي تتجاوز “كاونترات” إنهاء الإجراءات في صالات مغادرة البلدان المدرجة، فما عليك سوى استعراض ما يقوم بنشره الحساب الرسمي لمبادرة “طريق مكة” على منصة تويتر (@MakkahRoute) الذي يعطي أي متابع صورة شاملة مسنودة بفيديوهات وصورة تظهر وجوه الحجيج وسعادتهم الغامرة من إنهاء الإجراءات حتى وصولهم إلى مقار سُكناهم بيسر وسهولة إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة.. دمتم بخير.