هناك تحول مؤسسي لوزارة الدفاع عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسة الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري..
تعي السعودية جيدًا وبعمق الأبعاد المرتبطة باستقرار وأمن محيطها الإقليمي والتحديات التي يواجهها -خاصة أنها منطقة غير مستقرة- وفي إطار تشكيل ذلك عملت القطاعات ذات العلاقة بشكل مؤسسي ومنهجي على تحديث قدرات المملكة العسكرية من حيث عتادها التسليحي الدفاعي وأصولها البشرية، فكانت رؤية السعودية 2030، منطلقًا مركزيًا لتوطين الصناعات العسكرية.
ما دفعني للكتابة عن الموضوع، ما كشفه موقع “غلوبال فاير باور” عن تصنيفه السنوي لأقوى الجيوش في العالم والذي يتضمن 145 دولة تختلف مكانتها من عام لآخر وفقا لعدد من المحددات التي تتضمن الوحدات العسكرية والمكانة المالية إلى القدرات اللوجستية والجغرافيا.
وفقًا للتصنيف، حلت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية على مستوى الجيوش العربية، والمرتبة الـ 23 عالميًا، ولم يكن هذا التقدم ليحصل -لولا توفيق الله- في منظومتنا العسكرية الوطنية، إلا بوجود عزم واضح لدى الدولة في توطين الصناعات العسكرية، وهو محور لا يمكن تجاوزه إذا ما أردنا استيعاب تحديث التسليح السعودي، ومن المناسب الاستئناس بما أشارت له الهيئة العامة للصناعات العسكرية على موقعها الرسمي، من أن نسبة التوطين بنهاية 2022 بلغت 13.7 %، بينما الهدف الوصول إلى نسبة توطين ما يزيد على 50 % من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول العام 2030، لذلك تعمل الهيئة وبشكل تكاملي مع شركائها من القطاعين العام والخاص على توطين قطاع الصناعات العسكرية في المملكة من خلال تمكين المُصنّعين المحليين والدوليين، وفتح أبواب التراخيص لهم للاستثمار في بيئة صناعية عسكرية جاذبة تحظى بفرص استثمارية نوعية ومُحفزات تساهم في تمكين المستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى تمكين الكفاءات الوطنية من المساهمة في دعم مسيرة التوطين الطموحة.
من المسارات المهمة لفهم إطار التطور العسكري السعودي، المقابلة المهمة التي أجراها الدكتور خالد البياري مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية في فبراير الماضي (2024)، مع صحيفة الشرق الأوسط، والتي أنصح بإعادة قراءتها من قبل المراقبين والمهتمين.
هناك تحول مؤسسي لوزارة الدفاع عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسة الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري.
زمن الملامح الرئيسة التي جاءت في المقابلة الصحافية، أن أحد الأهداف الاستراتيجية لوزارة الدفاع، هو تأصيل قطاع الصناعات العسكرية، من خلال العمل مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية، على توطين الكثير من المنظومات، سواء توطين صناعتها أو توطين مساندتها، فالعقود التي تم توقيعها مؤخرًا على سبيل المثال تشتمل على مشاركة صناعية، سواء كان في التصنيع أو المساندة المحلية، وهناك هدفان أساسيان لهذه الخطوة؛ الأول الاعتماد على صناعة تدعم رفع الجاهزية العسكرية لقواتنا المسلحة، والهدف الثاني متمثل في الأثر الاقتصادي، كون هذه المشاريع تولد وظائف وتساهم في زيادة حراك الاقتصاد.
وجزء لا يتجزأ من تطور الأداء العسكري السعودي بما نشاهده اليوم وتؤكده المؤسسات العالمية المتخصصة، يتبلور في بدء وزارة الدفاع السعودية مرحلة إعادة هيكلة القوات المختلفة التي تشمل القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، بعدما تمت إعادة هيكلة رئاسة هيئة الأركان العامة وبناء القوات المشتركة.
النجاح الذي نستشعره كمواطنين في القدرات العسكرية كان بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي تركز على أهمية استغلال القدرات الشرائية لوزارة الدفاع والوزارات العسكرية والأمنية الأخرى.. دمتم بخير.