علينا أن نُدرك أن الصندوق يدعم التنمية الاقتصادية المستقرة من خلال توفير الموارد المالية والتقنية والبشرية للاستفادة من جوانب القوة في المملكة العربية السعودية لتلبية احتياجات الشركاء، انطلاقًا من رؤيته بأن يكون شريكًا استراتيجيًا شاملًا ممكنًا للتنمية الاقتصادية المستدامة في دول العالم النامية..
تنظر السعودية للتنمية، كأساس نهضوي مُستدام لها ولغيرها من البلدان الأخرى، لذا تُعد من كبرى الدول المساهمة على مستوى العالم في مساعدة البلدان الأقل نموًا والأشد فقرًا، وهو ما يجعل منها “دولة تنموية قائدة” في العالمين العربي والإسلامي، ويتجاوز ذلك إلى مُحيطات الأقاليم الأخرى المنتشرة عالميًا، وهو الدور المحوري الذي يُؤديه باقتدار “الصندوق السعودي للتنمية” منذ نصف قرن تقريبًا، وفق معادلة نوعية تجمع بين “التنمية والإنسانية”، فأثر مشاريعها “لا يُقاس بالأرقام ولكن تقاس بالأثر التنموي” وهي عبارة اقتبستها من رئيسها التنفيذي النشط سلطان المرشد.
ومن المهم قبل الدخول في تفاصيل مقال اليوم، التعريج بشيء من المعلومات التأسيسية، وهي أن الصندوق السعودي للتنمية أنشئ كمؤسسة حكومية تُعنى بتقديم الدعم الإنمائي من خلال قروض ميسّرة لتمويل مشاريع إنمائية في الدول النامية للإسهام في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي فيها، ودعمها على تخطي المصاعب والتحديات التي قد تواجه مسيرتها، وصولاً إلى الإسهام في تحسين المستوى المعيشي، كما أنه يُعد الذراع التنموي للمملكة في التنمية الدولية، من خلال عمله على تقديم القروض التنموية الميسّرة للبلدان النامية، وإدارة المنح الكريمة المقدمة من الحكومة السعودية لدعم الدول الأقل نمواً والأشد فقراً.
تعي الحكومة السعودية، أهمية أن يكون لها تنموي عابر للحدود الجغرافية التقليدية، انطلاقًا من واجبها الإنساني، وهي الرسالة السامية المنوطة بـ”الصندوق السعودي للتنمية”، الذي استطاع خدمة أكثر من 100 دولة مُستفيدة، بحجم إسهامات تجاوز 20 مليار دولار في مختلف القطاعات الحيوية، سواءً في أفريقيا أو آسيا أو قارة أميركا اللاتينية أو غيرها.
ما يمكن الاستناد عليه عند الحديث عن “أثر الصندوق” فإن مشاريعه نجحت في إحداث أثر تنموي كبير على الدول المستفيدة وفي جميع قطاعات التنمية، عبر تمويلها ودعمها؛ لرفع مستوى الحياة المعيشية، وتوفير الخدمات الأساسية للدول النامية لمواكبة التطور الحاصل في دول العالم.
يمكنني القول: إن الأرقام المسجّلة على صعيد إنجازات الصندوق في العقد الخامس من عمره تسلّط الضوء على استفادة مئات الملايين من البشر حول العالم من هذه المشاريع والبرامج الإنمائية، مما انعكس على ارتفاع مستوى التعليم والصحة وتحسين طرق النقل والمواصلات، بالإضافة إلى تطوير قطاعات الطاقة في الدول المستفيدة من الدعم السعودي عبره، والنتائج الإيجابية لذلك عبر التنمية المستدامة التي أحدثها.
بلغة واقعية، ساهم الصندوق السعودي للتنمية، في دول عديدة حول العالم، وهو على استعداد للمساهمة التنموية في الدول المُستقرة، ومن الجيد استجلاب شيئًا من كلمة رئيس مجلس إدارته أحمد الخطيب، خلال الاحتفاء الأخير في الرياض، والذي دعا فيه إلى إقامة شراكات جديدة لبناء عالم تتاح فيه الفرصة لجميع المجتمعات من أجل تحقيق مستهدفاتهم التنموية وإحداث التنمية المستدامة للجميع، وفي 2023 أسهم الصندوق عبر تعاونه مع مجموعة من الشركاء في تمويل 27 مشروعاً وبرنامجاً تنمويّاً في 23 دولة نامية.
لمشاريع الصندوق جانباً تنموياً وإنسانياً يلامس حياة مئات الملايين من الأفراد والمجتمعات، وكان للمشاريع الصحيّة الممولة منه الأثر الكبير في وصول المحتاجين إلى خدمات الرعاية الصحية الشاملة التي يستحقونها، من حيث المساهمة في تمويل 77 مشروعاً نتج عنها إنشاء 325 منشأة صحية في 45 دولة بسعة تتجاوز 25 ألف سرير، ووفرت هذه المنشآت خدمات صحية لشعوب لم تتح لها فرصة الحصول على رعاية طبية متقدمة، ومن أبرزها مستشفى الملك فيصل في جمهورية رواندا الذي نفذت فيه أول عملية زراعة كلى في البلاد فكانت باكورة إنجاز 32 عملية زراعة كلى خلال عام واحد مما فتح باب الأمل بإنقاذ حياة العديد من المرضى، كما كان لمستشفى الملك خالد الجامعي في جمهورية بوروندي أبلغ الأثر الصحي والأكاديمي برفع مستوى الكوادر الطبية ونهوض الخدمات الصحية في المنطقة.
في الأخير علينا أن نُدرك أن الصندوق يدعم التنمية الاقتصادية المستقرة من خلال توفير الموارد المالية والتقنية والبشرية للاستفادة من جوانب القوة في المملكة العربية السعودية لتلبية احتياجات الشركاء، انطلاقًا من رؤيته بأن يكون شريكًا استراتيجيًا شاملًا ممكنًا للتنمية الاقتصادية المستدامة في دول العالم النامية.. دمتم بخير.