خلال السنوات الأخيرة، أدّت عدة دوافع أساسية إلى انحراف العالم عن مسار وضع حد للجوع ولسوء التغذية في العالم بجميع أشكاله بحلول العام 2030، وما فتئت هذه التحديات تتعاظم مع تفشي الجائحة والتدابير المتخذة لاحتوائها..
في الأيام الماضية عكفت على قراءة تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2021، والصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وهو مهم للغاية وأنصح الجميع من دون استثناء بقراءته؛ لفهم المتغيرات المقبلة على أمننا الغذائي.
الفكرة المركزية للتقرير تؤكد على ضرورة تحويل النظم الغذائية من أجل الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وتوفير أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة للجميع.
حمل التقرير تفاصيل محورية كثيرة لا يتسع المقال لسردها، إلا أنه ذهب من أن جائحة «كوفيد- 19»، كشفت النقاب بشكل كبير عن أوجه الهشاشة الموجودة في النظم الزراعية والغذائية الوطنية، ومن شأن ذلك أن يؤثر على عدد كبير من الأشخاص، ويعجز بالفعل حاليًا 3 مليارات نسمة عن تحمل كلفة نمط غذائي صحي، فيما من الممكن أن يلحق بهم نحو مليار نسمة في حال انخفض دخلهم بمقدار الثلث، وقد ترتفع تكاليف الأغذية لنحو 845 مليون شخص في حال حصول اختلال في مسارات النقل الحرجة.
خلال السنوات الأخيرة، أدّت عدة دوافع أساسية إلى انحراف العالم عن مسار وضع حد للجوع ولسوء التغذية في العالم بجميع أشكاله بحلول عام 2030، وما فتئت هذه التحديات تتعاظم مع تفشي الجائحة والتدابير المتخذة لاحتوائها، ويعدّ هذا التقرير أول تقييم عالمي لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، ويتضمن بعض الإشارات إلى ما سيكون عليه الجوع بحلول 2030 في ظلّ سيناريو تتفاقم فيه التعقيدات بسبب استمرار تأثيرات الجائحة، كما يتضمن تقديرات إضافية لكلفة الأنماط الغذائية الصحية ومدى القدرة على تحمّل كلفتها وهو ما يقيم رابطًا مهمًا بين مؤشرات الأمن الغذائي والتغذية وتحليل اتجاهاتها.
أصبح هناك إجماع دولي حول الفكرة القائلة إن تحويل النظم الزراعية والغذائية –لكي تصبح أكثر كفاءة وشمولًا واستدامة وقدرة على الصمود– هو شرط أساسي لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وأسفر زخم التغيير إلى تنظيم قمة الأمم المتحدة الأولى للنظم الغذائية في سبتمبر الماضي، والتي وافقت على حلول واستراتيجيات مبتكرة لتحويل النظم الزراعية والغذائية، والاستفادة من هذه التغييرات من أجل تحقيق تقدم في جميع أهداف التنمية المستدامة، حيث ركّز نداء العمل الذي أطلقته القمة على خمسة أهداف، يتمثل أحدها في بناء القدرة على الصمود أمام أوجه الضعف والصدمات وحالات الإجهاد من أجل ضمان استمرار عمل النظم الزراعية والغذائية الصحية والمستدامة. نحن أمام تحدٍّ حقيقي، وهو ما تنبهت له منذ وقت باكر الحكومة السعودية، التي تسعى جاهدة أن يتمتع نظامها الغذائي والزراعي بالقدرة على الصمود والاستدامة والشمول.. دمتم بخير.