من المُحددات المهمة التي يعمل عليها المركز – حديث التأسيس – والتي لها دلالات كبيرة على موثوقية «اقتصادنا الوطني» متابعته لأكثر من ثلاثين تقريرًا ومؤشراً عالمياً ترتبط بالمحاور الاستراتيجية المُستهدفة عالمياً لتعزيز تنافسية الدول، بهدف تحليل وضع السعودية الراهن بين أكثر الأسواق التنافسية..
في عالم يتزايد فيه الترابط الاقتصادي، أصبح الكثيرون يسلّمون بأهمية تحسين الإطار القانوني لتسهيل التجارة والاستثمار الدوليين، وفقًا لمتطلبات لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال)، ومن المشاريع التحديثية التي استندت عليها الحكومة السعودية، التركيز الجاد على تدعيم “قدرتها التنافسية”، كإطار استراتيجي للتنمية الاقتصادية؛ لانعكاس ذلك على رفع مستوى معدلات الإنتاج، وتحسين مستويات المعيشة، وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الإقليمية، والدولية.
تعزيز “القدرة التنافسية” للسعودي، يعني التركيز على التجارة والمنافسة العالمية، من خلال تطوير السياسات الناجحة ومعالجة التحديات وفق حلول تتسم بالمرونة والفاعلية الإنتاجية الكبيرة بين الأسواق الإقليمية والدولية، وبالتالي رفع معدلات النمو الاقتصادي، وهي باختصار قدرة البلد على بناء المؤسسات والسياسات الممكنّة للابتكار والارتقاء بالخدمات والإنتاجية على المستوى الوطني، وبما يعمل على توليد القيمة المستدامة في الاقتصاد الجزئي والكُلي، وموارد وثروات الوطن.
هناك اليوم رؤية سعودية متقدمة لمفهوم متخصص لتطوير تنافسية سوقنا السعودي، من خلال الأدوار المتعمقة التي يقوم بها “المركز الوطني للتنافسية”، وهو مركز حكومي مستقل تأسس في العام 2019، ويتمتّع بالشخصية الاعتبارية المستقلة ويرتبط تنظيمياً بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويهدف إلى تطوير بيئة المملكة التنافسية وتحسينها، والارتقاء بترتيبها في المؤشرات والتقارير العالمية ذات العلاقة، عبر دراسة المعوقات والتحديات التي تواجه القطاعين العام والخاص وتحديدها وتحليلها، واقتراح الحلول والمبادرات والتوصيات ومتابعة تنفيذها، باتباع أفضل الأساليب والممارسات التي تؤدي إلى تعزيز تنافسية المملكة محلياً ودولياً.
ومن المُحددات المهمة التي يعمل عليها المركز – حديث التأسيس – والتي لها دلالات كبيرة على موثوقية “اقتصادنا الوطني” متابعته لأكثر من ثلاثين تقريرًا ومؤشراً عالمياً ترتبط بالمحاور الاستراتيجية المُستهدفة عالمياً لتعزيز تنافسية الدول، بهدف تحليل وضع السعودية الراهن بين أكثر الأسواق التنافسية، واقتراح الإصلاحات الاقتصادية التي تُسهم في تحسين ترتيبها في تلك التقارير والمؤشرات، ومن ذلك: تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن مجموعة البنك الدولي (WB)، وتقرير التنافسية العالمية الصادر عن منتدى الاقتصادي العالمي WEF، والكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن معهد التطوير الإداري (IMD).
ولم يكتفِ المركز ببناء مؤشراته على التقارير، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بناء علاقة استراتيجية مع عدة منظمات عالمية مرتبطة بالتنافسية، مثل: مجموعة البنك الدولي، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومعهد التطوير الإداري، ولجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي؛ للاستفادة من التجارب والممارسات الدولية بما يعزز من تنافسية بلادنا عالمياً بمشيئة الله، والتي تملك المقومات الحيوية من أجل ذلك.
يُعول الكثير على الأدوار التي يمكن أن يسهم بها “المركز الوطني للتنافسية”، في تحسين البيئة التنافسية لبلادنا، واقتراح الخطط الهادفة إلى رفع تنافسيتنا في مختلف المجالات، ومناقشتها مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية والعمل على تطويرها، خاصة فيما يتعلق بمراجعة الأنظمة، واقتراح التعديلات اللازمة حيالها وذلك بالاتفاق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وتحديد المعوقات والتحديات المتعلقة بتطوير بيئتنا التنافسية، وتقديم المرئيات واقتراح الإصلاحات اللازمة في شأنها، ومتابعة التزام الجهات الحكومية بإجراء الإصلاحات اللازمة لتحسين تنافسية السعودية على المستويين الإقليمي والدولي.
ومن المشاريع الجديدة والنوعية لـ”المركز الوطني للتنافسية”، والذي يؤكد على التفكير المتقدم لتعزيز مفهوم “التشاركية الحكومية المجتمعية”، وتعزيز البيئة التنافسية السعودية، فأطلقت حديثًا “منصة استطلاع” الإلكترونية الموحدة؛ لاستطلاع آراء العموم (الأفراد) والقطاع الخاص والجهات الحكومية بشأن الأنظمة أو اللوائح وما في حكمها الصادرة عن الجهات الحكومية والمتعلقة بالبيئة الاقتصادية والتنموية، وإبداء المرئيات والملحوظات على المشروعات ذات الصلة بالشؤون الاقتصادية والتنموية المُقترحة قبل إقرارها، ما يسهم في توفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، وبيئة أعمال جاذبة.
ورغم عدم التركيز الإعلامي الكبير على المجهودات التي يقوم بها “المركز الوطني للتنافسية”، إلا أن مشاريعه تثبت يومًا بعد آخر المنهجية الراسخة التي تستند على محور وضع القطاع الخاص في مقدمة “الخريطة التنموية السعودية”، وهو أمر في غاية الأهمية، فأنشأ “منصة مرئيات القطاع الخاص”، وهي منصة إلكترونية تعمل على تطوير آليات التعامل بين القطاع الخاص والجهات الحكومية، من خلال استقبال المرئيات والمقترحات، ورصد التحديات التي تواجههم، ليتم بعد ذلك توجيهها إلى الجهات الحكومية ذات العلاقة، للمساهمة في اتخاذ القرار لتحسين بيئة الأعمال في المملكة. ما يدعوني للتفاؤل بـ”المركز الوطني للتنافسية” تقدم المملكة من المرتبة 26 إلى المرتبة 24 في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي في يونيو الماضي (2020)، وذلك من بين 63 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، رغم الظروف الاقتصادية الناتجة عن آثار جائحة كورونا، بالمحصلة النهائية، من المهم أن يعي السعوديون أن هذا المركز يعمل اليوم ما بين الإصلاحات التشريعية والإجرائية، وتوحيد الجهود وتعزيز التنافسية في المملكة.. يا بلادي واصلي.