الاستثمار في الرياضة هو إحدى الركائز الأساسية لـ”رؤية السعودية 2030” المصممة لتحديث المملكة، والتي تهدف إلى إلهام الناس ليصبحوا أكثر نشاطًا وتعزيزًا لمدار السياحة وتنويع الاقتصاد؛ استعداداً لعالم ما بعد النفط.
لا شك أن البرامج الرياضية السعودية تحظى اليوم بنسب مشاهدة كبيرة جدًا على المستويين الوطني والإقليمي، ويعود ذلك إلى قوة دوري كرة القدم السعودي للمحترفين، الذي يحظى بشعبية عابرة للحدود، وهذا في حد ذاته مدعاة فخر على القوة الناعمة لرياضتنا، فأصبحنا نرى في بعض الأسواق الأوروبية قمصان أنديتنا تُباع بشكل لافت للنظر.
ولعشق متابعة دورينا، أحضر بين الفينة والأخرى – كغيري من المحبين – بعض البرامج الرياضية، سواءً في القنوات الخاصة أو الحكومية، للاستمتاع بما تقدمه من تحليلات حول المباريات، إلا أنني في المقابل ألحظ أن بعض مُحللي تلك البرامج يفتقدون لفهم الأبعاد المحورية التي دفعت صندوق الاستثمارات العامة لتعظيم استثماراته الرياضية، خاصة بعد نقل ملكية الأندية الأربعة الكبار “الاتحاد” و”الأهلي” و”الهلال” و”النصر”، لتُصبح شركات تابعة للصندوق.
ولمعرفتي بالقواعد الديناميكية التي يتحرك منها صندوق الاستثمارات العامة، فإن هدف شركات الأندية التابعة له من جذب نجوم كرة القدم العالميين، لـ”دوري روشن للمحترفين”، يتجاوز مفهوم قوة الدوري السعودي وتصنيفه العالمي أو قيمته السوقية، إلى ما هو أعمق من ذلك بكثير.
عندما أقارن بين ما يطرحه الإعلام الغربي الغاضب في عمومه من التحركات السعودية لتعظيم صناعة رياضة القدم، والتحليلات التي يقدمها، وبين طروحات بعض محللي البرامج الرياضية من المؤثرين وغيرهم، أشعر أن هناك فجوة كبيرة في فهم مآلات الأمور واستراتيجية المملكة الرياضية.
بصريح العبارة، هناك تخوف غربي لما يقوم به “المارد السعودي” في المجال الرياضي عامة، ودونكم التصريحات والتحليلات التي لا يمر يوم إلا وتجد لها صدى وهجوماً على صندوق الاستثمارات العامة، لأنهم يدركون أن ما يقوم به صندوقنا السيادي، ما هو إلا خطوات فعّالة لتبيان النهضة الشاملة والمفصلية التي تعيشها المملكة العربية السعودية، واستمرار تنفيذي لتطبيق الوصفة التنموية المُستدامة والحضارية لجعل بلادنا وجهة عالمية، لكل من يريد السياحة إليها، ولكل من يريد تعظيم استثماراته فيها، بل وحتى لكل من يريد السُكنى فيها من المبدعين وأصحاب المواهب النوعية.
من الطبيعي أن هناك من هو منزعج من تحركاتنا الرياضية، لذلك ظلوا يتهموننا لأكثر من خمس سنوات بتهم “الغسيل الرياضي” أو “تبييض السمعة”، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن هذه الادعاءات “زائفة وغير منصفة”؛ لأن الاستثمار في الرياضة هو إحدى الركائز الأساسية لـ”رؤية السعودية 2030” المصممة لتحديث المملكة، والتي تهدف إلى إلهام الناس ليصبحوا أكثر نشاطًا وتعزيزًا لمدار السياحة وتنويع الاقتصاد؛ استعداداً لعالم ما بعد النفط.
تحركات صندوق الاستثمارات العامة في الرياضة، ليس عملًا ارتجاليًا – كما يتوهم البعض – بل هو عمل ممنهج، لتكون المملكة وجهة مُحفزة للكيانات الرياضية العالمية، ومن يدري لعلنا نظفر بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030.
في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تستضيف السعودية كأس العالم للأندية، وهي المرة الأولى التي تنظم فيها حدثاً كبيراً تابعاً للفيفا. كما وردت أنباء عن صفقة كبيرة لرعاية دوري السوبر الأفريقي الجديد. وسوف تستضيف خلال السنوات القليلة المقبلة كأس آسيا لكرة القدم، ودورة الألعاب الشتوية الآسيوية 2029.
بالمختصر المُفيد – وكما ذكرت إحدى الصحف الإنجليزية – إن السعودية مدفوعة بطموحات كبيرة لتغيير عالم الرياضة بطرق لا يمكن لأحد أن يتخيلها، لذلك ستستمر في إجبار أولئك الذين اعتادوا على تولي زمام الأمور على مواجهة الأسئلة الصعبة.. دمتم بخير.