من المنتظر أن يقدم موسم الرياض الذي سينطلق بعد يومين مزيجًا من التفرد والتشويق والعصرية، لجعل الرياض حاضنة كبرى ووجهة مفضلة ومساحة محفزة تتجاوز المخيلة المحلية والعالمية، بما توفره للسكان والزوار، فضلاً عن الإسهام في تحقيق أهداف وطنية متعددة…
لم يعد الترفيه في بلادنا مجرد فعاليات تقام هنا وهناك، بقدر ما أصبح هذا القطاع إحدى أهم الصناعات المحورية التي تعول عليها السعودية لتنويع قاعدتها الاقتصادية، ووفقًا للتقرير الموسع الصادر في سبتمبر الماضي بالتعاون بين المعرض السعودي للترفيه والتسلية 2021، وGRS Research & Strategy، تحت عنوان “صوت صناعة التسلية والترفيه في المملكة العربية السعودية”، أن 62٪ من موردي الصناعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتوقعون أن تكون السعودية أكبر سوق إقليمي لهم من حيث الإيرادات بحلول عام 2025.
تطور المنظومة الترفيهية جاء بفضل الدعم والتوجيه المباشر الذي يتلقاه القطاع من عراب رؤية 2030، سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خاصة أنه يُحقق مستهدفات برنامج “جودة الحياة”، ولمن لا يعلم، فإن توفر الخيارات الترفيهية يُعد معيارا أساسيا في التصنيف العالمي لقابلية العيش في المدن، لذلك يثبت موسم الرياض في نسخته الثانية أركان مقاصل “الترفيه” السعودي على خربطة “السياحة الترفيهية” العالمية.
تبذل الهيئة العامة للترفيه بقيادة رئيس مجلس إدارتها معالي الأستاذ تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، الكثير من الجهود المؤسسية منذ لحظة إطلاق استراتيجيتها في العام 2019، بأن تصبح السعودية من بين أول أربع وجهات آسيوية، ومن بين أول عشر وجهات على مستوى العالم، خاصة أن كل الوقائع على الأرض تؤكد قدرة تموضعنا على الخريطة السياحية العالمية، وأن تكون المملكة نقطة استثمارية جاذبة، في هذه الصناعة المؤثرة على منظومة الاقتصاد العالمي.
في ظني أن موسم الرياض، يُعد أحد أهم المسارات التي تعول عليها هيئة الترفيه في خطتها الاستراتيجية الطموحة، من حيث المراهنة عليه في تعظيم المحتوى الترفيهي السعودي، وتعزيز تنافسيته إقليميًا ودوليًا.
في مؤتمر التواصل الحكومي أتذكر جيدًا ما قاله الأستاذ تركي آل الشيخ، عندما استخدم عبارة “موسم الرياض بلغة بالأرقام”، فهناك أكثر من 7500 فعالية محلية وعالمية متنوعة، تقام على مساحة 5.4 ملايين متر مربع، وبما يعادل ضعفي الجهود المبذولة في الفترة الماضية، ووجود 14 منطقة ترفيهية ستدوم فعالياتها لستة أشهر تقريبًا، فيما ستكون الأسعار تنافسية وأقل من الدول المجاورة بـنسبة تتراوح بين 30% إلى 40%. يضم الموسم أكثر من 10 معارض عالمية، وأكثر من 350 عرضًا مسرحيًا، إضافة إلى معرض ومزاد سيارات عالمية، وأكثر من 70 مقهى، و200 مطعم، وبطولة ألعاب إلكترونية، وأكثر من 100 تجربة تفاعلية، وما يزيد على 18 مسرحية عربية، وأكثر من 6 مسرحيات عالمية، و6 حفلات غنائية عالمية، إلى جانب حفلات غنائية عربية يتجاوز عددها 70 حفلة، كما يستضيف مباريات عالمية وبطولة WWE كراون جول، مع إطلاق أكثر من 30 طنًا من الألعاب النارية خلال فعالياته.
التنظيم الاستثنائي للموسم يمكن تقسيمه إلى أربع فئات رئيسة، حتى يدرك الرأي العام السعودي مدى التخطيط والجهد الكبير الذي بذلته الهيئة لتعزيز “السياحة الترفيهية” السعودية بشكل خارج عن الإطار المألوف، وتُعد “المناطق المُستدامة” هي الفئة الأولى المتمثلة في “بوليفارد رياض سيتي” و”فيا رياض”، والفئة الثانية “المناطق المُحدثة” والتي تضم “ونتر وندرلاند”، و”واجهة الرياض”، و”رياض سفاري”، و “أوايسس الرياض”، فيما تندرج “كومبات فيلد”، و”العاذرية”، و”ذا قروفز”، ضمن مناطق الفئة الثالثة الجديدة”، أما الفئة الأخيرة فهي المناطق الترفيهية المجانية، وتحتوي على “نبض الرياض”، و”شجرة السلام”، و”قرية زمان”، و”خلوها (مهرجان شعر الردية)”.
وتُعد منطقة “بوليفارد رياض سيتي”، واحدة من أهم وأكبر الوجهات الترفيهية على مستوى المملكة العربية السعودية وموسم الرياض، وأولى المناطق افتتاحًا في الموسم، وتضم فعاليات عدة، منها: الحدائق والنافورة الراقصة، مراكز الألعاب العالمية، المطاعم والمقاهي، إضافة إلى العديد من المسارح المخصصة للعروض المسرحية والغنائية، كما أنها تضم تسع مناطق محورية، وهي “بوليفارد رياض سيتي سكوير”، و”منطقة الموسيقى”، و”منطقة استديو”، و”منطقة سبورت”، و”منطقة تريكاديرو”، و”منطقة أفالانش”، و”منطقة جاردن”، و”منطقة المسارح”، ومن عناصرها المميزة أنها تحتوي على واحدة من أكبر دور العرض على مستوى المملكة، إذ تحتوي على شاشات سينمائية عالية الجودة تُعرض فيها أحدث الأفلام قبل نزولها في صالات السينما العالمية.
ما يمكن قراءته من معطيات الأرقام السابقة، أن هذا التنظيم الاستثنائي ما كان ليحدث بين ليلة وضحاها، فخلال فترة توقف الفعاليات الترفيهية نتيجة فيروس كورونا، عملت الهيئة على التخطيط للموسم بهذا الشكل العالمي الظاهر للعيان. من المنتظر أن يقدم موسم الرياض الذي سينطلق بعد يومين مزيجًا من التفرد والتشويق والعصرية، لجعل الرياض حاضنة كبرى ووجهة مفضلة ومساحة محفزة تتجاوز المخيلة المحلية والعالمية، بما توفره للسكان والزوار، فضلاً عن الإسهام في تحقيق أهداف وطنية متعددة، مثل رفع مستوى صناعة قطاع الترفيه وزيادة حجمها، واستحداث فرص العمل، ونمو العائد الاقتصادي، واستقطاب الاستثمار الأجنبي.. دمتم بخير.