الإرهاب الإيراني والتصعيد الأخير لميليشيا الحوثي، هو تحدٍّ سافر لكل الجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، وإصرارها على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، منذ انقلابها الدموي المشؤوم على الدولة، وتحويلها الشعب اليمني في مناطق سيطرتها إلى رهائن، وتسخيرها الموارد الوطنية لأغراض الحرب واستمرارها على حساب مصالح اليمنيين الوطنية..
يعلم المجتمع الدولي، ويعرف القاصي والداني، وتُقر البعثة الأممية في اليمن ومبعوثها مارتن غريفيث، أن ميليشيا الحوثي مجرد أداة إرهابية تحركها يد الولي الفقيه شيطان الأرض الأكبر، وتعترف الولايات المتحدة بهذا الأمر، ولا ينتطح فيها عنزان ولا يتخالف عنها ضدان، فالهجمة التي تعرضت لها الطائرة “المدنية” بمطار أبها الدولي، هي فعل من أفعال الإرهاب الدولي الذي شرحت تفاصيل أشكاله الاتفاقيات الدولية الثلاثة عشر لمكافحة الإرهاب، فمعظمها يحوم حول تحريم التعرض للطائرات المدنية بأي شكل كان، وإلا أُعتبر ذلك فعلاً إرهابياً متكامل الأركان، وهو أمر ليس فقط يدل على أن إيران حرضت ودعمت ووجهت على فعل إرهابي، يمكن تصنيفه بأنه جريمة حرب من الدرجة الأولى.
ومنذ ما قبل انقلاب جماعة الحوثي، على الشرعية اليمنية، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، أكدت الحكومة السعودية على وجوب الحل السياسي؛ لإنهاء مشكلات اليمن المستمرة منذ 6 سنوات تقريبًا، فقدمت السعودية خلال ذلك “المبادرة الخليجية”، ودعمت مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ووفرت كل إمكانياتها للحد مما يمكن تسميته بـ “صوملة” اليمن، لكن يد شيطان الأرض الأكبر أبت إلا وجر السعيدة نحو الدمار، وحرضت أداتها الحوثية لتهديد الأمن السعودي الاستراتيجي والعربي أيضًا، ووصل الأمر إلى حد تعريض سلامة الملاحة الدولية، التي تمر بالقرب من السواحل اليمنية، لذا كان قرار الحزم السعودي واجباً لإرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح، فانطلقت عاصفة الحزم مؤيدة بالشرعية الدولية، ومدعومة بتحالف عربي كان له دوره في تحجيم تنامي الامتداد الحوثي، وتحييده عند أقل من 20 % من الجغرافيا اليمنية، بعدما كاد يستولي على البلاد بأسرها.
ومع ذلك أكدت القيادة السعودية مُجددًا على أن الحل السياسي هو ما ينبغي حدوثه، فدعمت مباحثات الكويت في 2016 وأفشلها الشيطان الأكبر، ثم مباحثات “جنيف والسويد” السياسية وغيرها، وأبطلها ولي الفقيه، ليستمر تحكمه بهيكل قرار الحوثيين، وحتى يبقى إمرة إرهابه.. لماذا؟ ليضرب بها السعودية، ويفاوض بها الأوروبيين، ويتحايل من خلالها على المجتمع الدولي بمظلومية كاذبة لا تسندها حقيقة واحدة. وحتى نصل إلى فكرة المقال، يجب أن نرجع لحديث نائب وزير الدفاع، الأمير خالد بن سلمان، الذي وضعه على حسابه بتويتر في يوليو 2020 وتأكيده على أهمية إجراء تحقيق أممي مستقل عن الصواريخ الإيرانية التي تطلقها ميليشيا الحوثي على الأراضي السعودية، حاثًا المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته؛ لإيقاف ممارسات طهران الخارجة عن القوانين والمواثيق الدولية، وبذل المزيد من الضغوط على منع توريد الأسلحة لها بأي شكل كان، أو حتى تصديرها للمجموعات الإرهابية في المنطقة؛ لأنها دولة “عابثة بأمن الجميع”، ولطالما كانت رسائل المسؤولين السعوديين في هذا الإطار واضحة بشأن نظام ملالي جمهورية رأس الشر الخمينية، الذي لم يعبأ -وما زال- منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، سوى بأيديولوجية “تصدير ثورته الهدامة” للمنطقة، لهوسها التوسعي الفارسي، تحت أكذوبة “حاملة لواء محور المقاومة”، فهي تسعى باستمرار إلى تقديم الأسلحة التخريبية للمنظمات الإرهابية على الرغم من الحظر الدولي المفروض عليها.
وحتى يفهم البعض ممن أُلتبس عليهم السلوك الإيراني الإرهابي في الملف اليمني، والذي لا يهدد اليمنيين والسعوديين فقط، كما يتصور للبعض ممن فقدوا حاسة “التبصر والإدراك” السياسي، بل هو تهديد لأهم منطقة حيوية على مستوى العالم، لذلك أعيد للجميع، ما كتبه الحساب الرسمي على تويتر لمكتب المبعوث الخاص للأمين العام لليمن (@OSE_Yemen) في الرابع عشر من يناير الماضي (2020)، وهو ملخص لحديث غريفيث أمام مجلس الأمن، وجاء فيه نصًا دون تصرف التالي: “لم يكن الطريق إلى السلام في اليمن سهلاً أبدًا في الماضي، وأعتقد أنه الآن بات أكثر صعوبة بكثير مما كان عليه قبل شهر”، من يعي الرسالة الأممية سيفهم “عقم إحلال السلام” مع الحوثيين، بسبب تحكم الاستراتيجية الإيرانية على مسارات قرارها؛ لأن من يحكم “صنعاء” المُستلبة هو السفير الإيراني عند الانقلابيين، حسن إيرلو، وهو “ظلُ الحرس الثوري” في البلاد، ومنفذ خططه وتعليماته.
الإرهاب الإيراني والتصعيد الأخير لميليشيا الحوثي، هو تحدٍّ سافر لكل الجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، وإصرارها على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، منذ انقلابها الدموي المشؤوم على الدولة، وتحويلها الشعب اليمني في مناطق سيطرتها إلى رهائن، وتسخيرها الموارد الوطنية لأغراض الحرب واستمرارها على حساب مصالح اليمنيين الوطنية. ومن أجمل من وصَّف المسألة الحوثية وأسيادها الإيرانيين، ما تضمنه البيان الصادر عن التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، الذي رأى أن تصعيد الحوثيين، جاء نتيجة لتراخي وتساهل المجتمع الدولي في تنفيذ قراراته الصادرة عن مجلس الأمن والتي كانت كفيلة بإيقاف نزيف الحرب التي تصرُ عليها جماعة الحوثي، فهذه الميليشيات رأت في التغاضي عن جرائمهما الممنهجة ضوءًا أخضر لمواصلة جرائمها الوحشية بحق المدنيين في المدن اليمنية والسعودية على حد سواء، محملة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها لليمن، المسؤولية الكاملة، وكان آخرها استهداف مطار أبها الدولي، لذلك على الولايات المتحدة الأميركية عدم التراجع عن تصنيف هذه الميليشيا منظمة أجنبية إرهابية؛ لأن عدوانيتها تصاعدت عقب إعلان إدارة الرئيس بايدن نية التراجع عن هذا التصنيف.. دمتم بخير.