نحن أمام برنامج ثقافي كبير، وحضور سعودي باهر، يعبران عن رؤية واضحة، ووعي بالهدف والرسالة التي تقوم بها وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، من خلال عدد من الفعاليات والأنشطة والندوات والمعارض والأمسيات والجلسات الحوارية، التي تؤكد هذا الزخم الكبير الذي تحتشد به الثقافة السعودية الثرية..
كثيرًا ما أتابع التصريحات التي يوردها بين الحين والآخر وزير ثقافتنا الحيوي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، خاصة عندما يتحدث حول تعظيم أثر المنظومات الثقافية ودورها في إبراز القوة السعودية الناعمة، وإيصال رسالتها الحضارية للعالم أجمع، وهو جزء رئيس في الإستراتيجية الوطنية للثقافة التي تعمل تحت مظلة رؤية السعودية 2030.
أحد البواعث الرئيسة في المنظومة الثقافية السعودية يتلخص بالاستثمار في رأس المال البشرية، وتمكين المواهب المحلية، كأهم ممكنات استدامة القطاعات التابعة لوزارة الثقافة، وتعزيز حضور المبدعين السعوديين في المحافل الثقافية المحلية والعالمية، لتأكيد مكانة المملكة عالميًا من خلال التبادل الثقافي، وهذا ما ينطلق فعليًا بمعرض الثقافة السعودية في باريس الذي تقيمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في باريس منذ الثامن والعشرين من أكتوبر المنصرم، وحتى العاشر من نوفمبر المقبل، وهو للأمانة الثقافية حدث غاية في الأهمية، وهو ما فسره لي أحد الطلبة السعوديين المقيمين في فرنسا، عندما قال: “من الرائع أن تحضر حدثاً في أوروبا فتشعر أنك في جزء من وطنك”.
إذا أردنا أن نختزل معرض الثقافة السعودية في باريس في كلمات مُعدودة فهو بعمل كسفير ثقافي فوق العادة؛ يعبر عن الثقافة السعودية بكل تكويناتها وتنويعاتها، ويمثّل كل أفرعها من الأدب والشعر والرواية، إلى الفنون التشكيلية والموسيقى وصناعة الأفلام، مروراً بالبحث والتوثيق والترجمة، وصولاً للصناعات اليدوية والأزياء وفنون الطهي وغيرها، ويشارك فيه عدد من الهيئات والجهات التابعة لوزارة الثقافة، كهيئة التراث، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، بالإضافة إلى مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي.
المعرض هو نموذج مصغر من الثقافة السعودية في قلب فرنسا، يعرِض ثقافة المملكة، ويعرّف العالم بها، ويقدم لهم أهم المجالات الإبداعية المميزة فيها، من خلال مجموعة من الفعاليات والأنشطة التي تمثّل الثقافة السعودية بمكوناتها المختلفة، من أجل ترسيخ الحوار الحضاري، وتقارب الأفكار، وهو من الأهداف الاستراتيجية لوزارة الثقافة ضمن رؤية السعودية 2030.
نحن أمام برنامج ثقافي كبير، وحضور سعودي باهر، يعبران عن رؤية واضحة، ووعي بالهدف والرسالة التي تقوم بها وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، من خلال عدد من الفعاليات والأنشطة والندوات والمعارض والأمسيات والجلسات الحوارية، التي تؤكد هذا الزخم الكبير الذي تحتشد به الثقافة السعودية الثرية، بل إن الشعر العربي، الذي تحتفي به المملكة هذا العام 2023، عام الشعر العربي، عاد ليصدح في العاصمة الفرنسية باريس عبر معرض الثقافة السعودية، لتؤكد المملكة من جديد أن ديوان العرب، مازال يكتب في جزيرة العرب. هناك جهد مؤسسي ومنهجي تقوم به المنظومة الثقافية السعودية في باريس، فهي من خلال هذه المشاركة، تسعى إلى إبراز ما تتميز به الثقافة السعودية بجميع مكوناتها من تفرُّدٍ وإبداع متأصلٍ في تاريخها الممتد لمئات السنين، وذلك من خلال تقديم ندوات حوارية حول الأدب السعودي، وجهود الترجمة بين البلدين، والتلاقح الثقافي الموسيقي، وحفظ إرث فنون الطهي عبر الكتب المتخصصة، والتعريف بمواقع التراث العالمي في المملكة، بمشاركة عددٍ من الأدباء والروائيين السعوديين.. دمتم ودامت ثقافتنا بألف خير.