نستطيع أن ندرك حجم التغييرات الكبيرة التي قامت بها الحكومة السعودية على تحسين البيئة الاستثمارية قبل وبعد رؤية 2030، فالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي قامت بها الدولة أسهمت في تمكين القطاع الخاص والصناديق الوطنية من المشاركة في قيادة الفرص الاستثمارية..
ما يُميز التوجه الحكومي لدينا هنا في المملكة العربية السعودية، هو التركيز الاستراتيجي على التنوع الاقتصادي في القطاعات الواعدة، وهي نقطة غاية في الأهمية استند عليها صُنَّاع القرار، من خلال التنمية الاستثمارية، التي أجملَها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عند إطلاق رؤية “2030” الطموحة، بقوله: “إن بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وسنسعى إلى أن تكون محركًا لاقتصادنا ومورداً إضافياً لبلادنا”، وأضاف، أن المملكة تسعى لاستثمار مكامن القوى من موقع استراتيجي متميز وقوة استثمارية رائدة وعمق عربي وإسلاميّ”.
أحد الركائز الأساسية لبناء اقتصاد وطني متنوع، تمثل في تفعيل الخارطة الاستثمارية محليًا، فضلًا عن جذب الاستثمارات الخارجية إلى البلاد، ولتحسين البيئة التنافسية في الاستثمار، لجأت المملكة إلى إطلاق الممكنات الدافعة لهذا الاستثمار، ولعلنا نتذكر هنا “الاستراتيجية الوطنية للاستثمار” التي أطلقت في أكتوبر 2021 لتحقيق رؤية 2030، للإسهام تنويع ونمو مصادر الاقتصاد، الأمر الذي سيحقق الكثير من الأهداف، بما في ذلك رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 %، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7 %، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 %، وتخفيض معدل البطالة إلى 7 %، وتقدُّم المملكة إلى أحد المراكز العشرة الأولى في مؤشر التنافسية العالمي بحلول 2030، ورفع القيمة التراكمية للاستثمارات بأكثر من 12 تريليون ريال بحلول 2030، ما سيرفع السعودية إلى المرتبة الـ15 كأكبر اقتصاد في العالم بناتج محلي إجمالي عند 6.4 تريليونات ريال.
ومن أجل تنمية بيئة القطاعات النوعية والاستراتيجية وتعزيز تنافسيتها الاستثمارية، أطلقت المملكة في مارس الماضي (2022)، لجنة حصر وتطوير الفرص الاستثمارية تحت مظلة اللجنة الوطنية العليا للاستثمار، والتي تُجسد الجهود الحكومية الحثيثة في تحقيق الركيزة الثانية من “رؤية 2030″، المعنية بتحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية، عبر منظومة متكاملة تقوم على خلق الفرص الاستثمارية وجذب الاستثمارات المحلية والعالمية وحماية المستثمرين، وتعزيز الاقتصاد السعودي.
نستطيع أن ندرك حجم التغييرات الكبيرة التي قامت بها الحكومة السعودية على تحسين البيئة الاستثمارية قبل وبعد رؤية 2030، فالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي قامت بها الدولة أسهمت في تمكين القطاع الخاص والصناديق الوطنية من المشـــــاركة في قيـــــادة الفـــــرص الاستثمارية.
ومن المُحددات المهمة للبيئة الاستثمارية، توجهات ميزانية السعودية للعام المالي (2023)، التي تهدف إلى الدفع بتنمية الممكنات الاقتصادية الداعمة لنمو القطاع الخاص علـــى المدييـــن المتوســـط والطويـــل التي يقوم بهـــا كل من صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنميـــة الوطني، بصفته دوراً مكملًا لما ينفق عليـــه عبر الميزانية في إطار متســـق ومتكامل.
وتواصل السعودية إجراءات تعزيز بيئة الاستثمار الداخلية، يمكن الاستدلال هنا بما يقوم به “بنك التنمية الاجتماعية” الذي شهد منذ نشأته تطورات جوهرية وضعته اليوم كأحد أهم المؤسسات التنموية التي تقوم بدور فاعل ومؤثر في مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والأدوار التي يقدمها في مجال برامج التمويل التنموي الميسر، ودعم المنشآت الصغيرة والناشئة كمساهم مهم في بناء الاقتصاد الوطنين ونجح في تقديم سلسلة من المنتجات والبرامج التمويلية النوعية، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر “مركز دلني”، وهو أحد المراكز الرائدة في تقديم حزم متكاملة من الخدمات المساندة للمنشآت عبر تقديم برامج تطويرية وبناء القدرات والاستشارات والتدريب وتحفيز شبكات التواصل المهنية بالإضافة إلى ورش عمل متخصصة في قطاعات السوق النوعية لمساعدة رواد الأعمال في مشاريعهم.
الحكومة مستمرة في تعزيز نمو الاستثمار المحلي عن طريق بناء الشراكات مع القطاع الخاص على نطاق واسع وتأهيله ليشمل جميع المناطق لما تتميز به المملكة من بيئة استثمارية متنوعة إضافةً إلى التحسين والتطوير للتشريعات والسياسات التي أدت لتقدم المملكة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال بما يضمن استمرار الأداء والنمو الاقتصادي؛ لتحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية للعام 2023.