تستطيع الجامعات السعودية أن تلعب دورًا مؤثرًا في تخريج أجيال من القيادات الإعلامية الشابة القادرة على إكمال مسيرة التقدم، شريطة مواكبتها التقنيات الإعلامية العالمية والمرحلة التي وصل لها الإعلام عالميًا من حيث التقنيات والمهارات المطلوبة..
يعيش القطاع الإعلامي على المستوى العالمي، ثورة تقنية هائلة ومتسارعة، غيرت الكثير من أوجه التعاطي مع متغيرات العصر المهنية وأساليبه وأنماطه، لكن ماذا عن المشهد الإعلامي في المملكة العربية السعودية؟، وأين موقعه اليوم من هذه التغييرات المفصلية؟
تتمتع السعودية اليوم بمكانة إعلامية إقليمية ودولية مرموقة، وذلك من خلال تأسيس وتطوير أرقى المؤسسات الإعلامية وأكثرها موضوعيةً وتقدمًا وتأثيرًا، حيث شهد الإعلام السعودي خلال العقود الماضية تحولات مهمة على كافة الصُّعُد والمجالات، في التنظيمات والسياسات، والممارسة المهنية والتقنية؛ للارتقاء بقدراته المهنية وتسخيرها على أفضل وجه؛ من أجل تقديم عمل إعلامي يُلبّي حاجات الجمهور وتعطشه للمعلومة وفق أداء احترافي يلتزم بالمعايير والقيم المهنية.
فإذا أخذنا على سبيل المثال خطة نيوم فإن في جعبتها تغيير مستقبل الإعلام ببناء مركز يكون بمثابة منارة جديدة للقطاعات الإبداعية، وذلك من خلال إنشاء أول مركز متكامل بتقنياته وأدواته ومُعدّاته على مستوى العالم، إذ سينصبّ تركيزه على الإنتاج التلفزيوني، وتطوير الألعاب الإلكترونية والنشر الرقمي، وهو ما سيُحدث ثورة في قطاعٍ سيتبنى منهجيات تتحرر من الموروث القديم في الإنتاج ووسائل الإعلام.
تعمل المملكة على تعزيز حضورها الإعلامي في المنطقة من استضافة كبرى مكاتب القنوات الإقليمية والدولية الأميركية والأوروبية والآسيوية، وما يدعم هذا التوجه الوطني، تنظيمها للمعرض السعودي الدولي للإعلام والبث الإذاعي خلال الفترة الماضية.
برأيي أن التطور التقني يتطلب التطوير المتواصل لمهارات الأفراد العاملين فيه، المواكب لمستجدات العصر وتقنياته المتسارعة، وهذا من شأنه إحداث فارق كبير في الناتج الإعلامي، ويأتي لاهتمام بجيل الشباب من المواهب الإعلامية في المقام الأول؛ من أجل تعزيز مكانة الإعلام السعودي عالميًا.
تستطيع الجامعات السعودية أن تلعب دورًا مؤثرًا في تخريج أجيال من القيادات الإعلامية الشابة القادرة على إكمال مسيرة التقدم، شريطة مواكبتها التقنيات الإعلامية العالمية والمرحلة التي وصل لها الإعلام عالميًا من حيث التقنيات والمهارات المطلوبة.
أحد الأفكار الجديدة والمهمة لوزارة الإعلام هو تنظيمها لسباق الإعلام “ميدياثون”، وهو حدث يتسابق فيه الإعلاميون من خلاله والمهتمون، لابتكار مبادرات نوعية وتقديم مشروعات، وحلول مبتكرة لتطوير منظومة الإعلام في المملكة العربية السعودية، وخدمة المؤسسات الإعلامية الوطنية وتطويرها، من تجاوز أربعة تحديات مركزية، وهي “تقليدية الطرح الإعلامي”، و”وجمع البيانات الإعلامية ورصدها وتحليلها”، و”الفجوة بين المعرفة الأكاديمية والمعرفة المهنية”، و”التوصل الدولي”، وبرأيي أن هذه المبادرة ستعمل على استكشاف الكثير من الفرص التطويرية لزيادة التأثير الإعلامي السعودي على مستوى المنطقة ككل.
ومن التجارب السعودية الجديدة التي يشار إليها بالبنان “الشرق للخدمات الإخبارية”، وهي مؤسسة إعلامية مستقلة متكاملة الأذرع والمنصات، تُركز على المواهب الإعلامية الشابة وتدريبهم والارتقاء بمهاراتهم؛ لتقدِّم محتوى يحمل أبعادًا جديدة يثري من تجربة الجمهور، ولم يَعُد خافيًا على أحد مدى اهتمامها بمواكبة أحدث التطورات والتقنيات الحديثة، فنرى شاشة مشرقة ومحتوىً احترافيا، يتناسب مع الشريحة المستهدَفة من الجمهور على جميع المنصات، ويضع النقاط على الحروف، وما يعكس سرَّ نجاحها استخدامها أحدث تقنيات العصر في التصوير والتقديم التلفزيوني؛ لإيصال المعلومة للقارئ بطريقة ممتعة، وسلسة، وعصرية، ووفق اختيارات مدروسة للموضوعات والوثائقيات والمواهب الإعلامية المحلية المؤهلة.. دمتم بخير.