جوهر الانتقادات الموجهة إلى “موسم الرياض” لا يعكس اعتراضًا موضوعيًا أو نابعًا من حرص على المصلحة العامة، بل يكشف عن حقد دفين تجاه النجاح الذي تحققه المملكة في قطاعات واعدة مثل الترفيه والسياحة، فبعد أن عُرفت لعقود أنها لاعب رئيسي في قطاع الطاقة، أصبحت اليوم ذات اللاعب المهم في “الاقتصاد الترفيهي”، وهو ما لا يروق للبعض ممن يرون في هذا التحول تهديدًا لأجنداتهم السياسية والاقتصادية..
على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح “موسم الرياض” علامة فارقة في المشهد الترفيهي، ليس في المملكة فقط، بل في المنطقة والعالم، خاصة بعد نجاحه في تحويل الرياض إلى عاصمة حقيقية للترفيه، من خلال تقديم فعاليات عالمية المستوى، استقطبت ملايين الزوار من مختلف الأرجاء، ما أسهم في ترسيخ صورة بلادنا كوجهة حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
لم يكن الموسم مجرد احتفالات وفعاليات؛ بل كان أحد أعمدة رؤية السعودية 2030، إذ ساهم بشكل مباشر في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال دعم قطاعات مثل السياحة، والفنادق، والنقل، والمطاعم، وتوفير فرص عمل لا حصر لها لكوادرنا الوطنية، فضلًا عن تقديم نموذج سعودي مبتكر لصناعة الترفيه.
كلما حقق الموسم نجاحًا جديدًا، واجه تصعيدًا ملحوظًا من الهجوم السلبي، وهو أمر يتكرر سنويًا، ولكنه بلغ ذروته هذا الموسم، ومن الواضح أن سردية خطاب الناقمين على الموسم ليس تصعيدًا عشوائيًا، أو مجرد انتقادات تقليدية، بل حملة منظمة عابرة للقارات، تستهدف التشويش على النجاح الذي حققته بلادنا في قطاع الترفيه، الذي كان لسنوات طويلة ميدانًا مغلقًا في المنطقة.
وعند التمعن في خطاب الناقمين، سنجد أيضًا أنه يتخذ عدة أشكال، تتصدرها وسائل إعلام إقليمية معروفة بعدائها للمملكة، وحسابات خارجية تنشط على منصات التواصل الاجتماعي، سواءً من رموز الإخوان المسلمين، أو دخول بعض الأطراف الطائفية على الخط، وجميعها تتبنى استراتيجية مدروسة تهدف إلى خلق أزمات من العدم، وتصوير الفعاليات الترفيهية على أنها خروج عن الهوية الوطنية والإسلامية.
من يحلل طبيعة السردية النقدية في خطاب الناقمين للموسم، سيجد أنها غالبًا ما تركز على فعاليات بعينها، مع تجاهل متعمد لبقية المشهد الذي يعكس تطورًا إيجابيًا كبيرًا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتم انتقاد الفعاليات الفنية الدولية، بينما يتم تجاهل العروض الثقافية والتراثية التي تسلط الضوء على العمق الحضاري للمملكة، وتكشف هذه الانتقائية عن أجندة خفية، تسعى إلى تصوير الترفيه كعدو للهوية، في حين أن الواقع يؤكد أنه جزء من تطور المجتمعات الحديثة.
إن جوهر الانتقادات الموجهة إلى “موسم الرياض” لا يعكس اعتراضًا موضوعيًا أو نابعًا من حرص على المصلحة العامة، بل يكشف هو الآخر عن حقد دفين تجاه النجاح الذي تحققه المملكة في قطاعات واعدة مثل الترفيه والسياحة، فبعد أن عُرفت لعقود أنها لاعب رئيسي في قطاع الطاقة، أصبحت اليوم ذات اللاعب المهم في “الاقتصاد الترفيهي”، وهو ما لا يروق للبعض ممن يرون في هذا التحول تهديدًا لأجنداتهم السياسية والاقتصادية، كما أن محاولاتهم لتهييج الرأي العام الإسلامي ضد الموسم ما هي إلا جزء من حملة أوسع تسعى إلى تقويض جهود بلادنا في بناء نموذج حديث ومتوازن، وإطلاق أحكام عامة تستهدف التشكيك، وتضخيم جوانب محددة وتهويلها، مستغلين انفتاح المنصات الاجتماعية لتمرير رسائل سلبية.
نقطة أخرى مهمة، وهي أن نجاح “موسم الرياض” وغيره من مبادرات قطاع الترفيه يضع أمامنا تحديًا جديدًا، وهو ضرورة وجود صحافة ترفيهية متخصصة، قادرة على التعامل مع الأزمات المفتعلة، وتقديم صورة حقيقية ومشرقة عن إنجازاتنا فيه، ويجب أن تكون هذه الصحافة أكثر من مجرد ناقل للفعاليات؛ بل مصدرًا لتصدير المعرفة، تسلط الضوء على التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع الترفيهي في بلادنا، وتضعه في سياقه العالمي بمهنية واحترافية عالية.
ولتحقيق ذلك، أوصي الهيئة العامة للترفيه، بتبني برنامج تدريبي مكثف يستهدف تطوير الكفاءات الإعلامية السعودية، ليصبح لدينا جيل من الصحفيين المتخصصين في الترفيه، القادرين على مواكبة هذا التطور، والتفاعل مع متطلبات المشهد الإعلامي العالمي، يشمل التدريب على تغطية الأحداث الكبرى، وتحليل صناعة الترفيه بمنهجية علمية.
إن بناء صحافة ترفيهية احترافية لن يسهم فقط في التصدي للهجمات المفتعلة، بل سيعزز أيضًا من قدرة المملكة على التأثير في المشهد الترفيهي العابر للحدود، ويكرّس مكانتها كقوة إبداعية تلهم الآخرين.. دمتم بخير.