تمتلك جميع مناطق المملكة ميزات نسبية تؤهلها للعب دور حيوي ومهم في تنمية الاقتصاد الوطني، ورفع إسهاماتها في نمو الناتج المحلي الإجمالي؛ وهو ما يجعل من اهتمام ولي العهد بتنميتها عاملًا رئيساً في تحقيق تلك التوجهات..
إذا ما أردنا أن نفهم المنهجية الاقتصادية التي يُطبقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في بلورة إعادة اقتصاد الدولة السعودية، فمن المهم الحديث قليلًا عن مفهوم “اقتصاد المدن”، باعتباره الركيزة المستقبلية التي تنطلق منها بلادنا لبناء تصورها للصناعة الاقتصادية والاستثمارية طويل الأجل”.
وحتى نفهم العلاقة بين “اقتصاد المدن” والتحركات السعودية، أشير هنا إلى مقال علمي رصين صادر عن مركز الإدارة المحلية يُشرف عليه سمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف، الأمين السابق لأمانة منطقة الرياض، تحت عنوان: (المدن السعودية: الطريق إلى اقتصادنا المستقبلي)، ومن أهم ما جاء فيه: “إن المدن التنافسية تبنت 3 مصادر رئيسة للنمو وهي إنشاء شركات جديدة، والتوسع في الشركات الحالية، وزيادة جذب المستثمرين، وفي سياق رغبة السعودية في تحقيق التنوع الاقتصادي الشامل الذي ترنو إليه، فإن المدن تحتاج إلى ابتكارات – جنباً إلى جنب – مع لوائح جديدة وتشريعات، وبنية تحتية مميزة بالإضافة إلى دعم كبير للشركات حتى تتمكن من خلق مناخ استثماري مميز لملاءمة الاحتياجات المتنوعة للشركات”.
الانطلاقة التمهيدية للمقال تدفعنا إلى الاستدلال بآخر الخطوات التي تم الإعلان عنها نهاية الأسبوع الماضي، بصدور الأمر الملكي بالموافقة على إنشاء هيئة تطوير محافظة الأحساء؛ والذي يأتي امتدادًا لقيادة ولي العهد بجهود التنمية المناطقية، وهو ملف يحظى بمتابعته الشخصية، انطلاقًا من اهتمامه الاستراتيجي في إحداث التنمية الشاملة بجميع مناطق المملكة دون استثناء؛ بالارتكاز على نقاط القوة في كل منطقة.
الإعلان عن تأسيس هيئة تطوير محافظة الأحساء يأتي بعد أن حققت الهيئات التطويرية المُماثلة والمكاتب الاستراتيجية لعدد من مناطق المملكة نجاحًا كبيرًا في مهامها بإشراف مُباشر من ولي العهد، دعمًا لنموها الاقتصادي وتحويلها إلى عناصر جذب رئيسة للاستثمارات الداخلية والخارجية، والفعاليات السياحية العالمية والأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية.
وحتى نعي بدقة مرئيات ولي العهد من إنشاء هيئات تطوير المناطق، من المهم الوعي بأنه ينطلق من مسار تنمية جميع المناطق، باستثمار طويل المدى لا يصب في صالح اقتصادات تلك المناطق فحسب؛ بل برأس المال البشري، من خلال خطط التطوير وجذب الاستثمارات، والحد من هجرة أبنائها للمدن الكبيرة من خلال توفير أفضل الفرص الوظيفية لهم، وهو حجر الزاوية في هذا الموضوع، والتحدي الذي أفردت له منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الكثير من التقارير المتعمقة.
تمتلك جميع مناطق المملكة ميزات نسبية تؤهلها للعب دور حيوي ومهم في تنمية الاقتصاد الوطني، ورفع إسهاماتها في نمو الناتج المحلي الإجمالي؛ وهو ما يجعل من اهتمام ولي العهد بتنميتها عاملًا رئيساً في تحقيق تلك التوجهات التي سيعود نفعها عليها وعلى الوطن بأكمله.
باختصار تُعد المدن اليوم المحركات الرئيسة لعملية النمو الاقتصادي، حيث بلغت حصة المدن من إجمالي الناتج العالمي 70 % تقريباً، ومع دخول العالم لعصر العولمة، وهو العصر الذي تتنافس فيه المدن على أسس اقتصادية واستراتيجية، وضعت القيادة السعودية الخطط الاستراتيجية والتنفيذية للدور الكبير الذي تشكله الاقتصادات الحضرية المتنوعة؛ لضمان تنمية اقتصادية مستدامة.. دمتم بخير.