أهم ما يُميز “ملتقى الصحة العالمي”، هو مشاركة خبراء قطاع الرعاية الصحية المختلفة من شتى أنحاء العالم، بجانب مشاركة المسؤولين والمعنيين بهذه الصناعة؛ وهو ما سينعكس مباشرة على تحفيز القطاع وتطويره في المملكة، وتوفير رعاية صحية متكاملة على أحدث الطرازات العالمية من خلال الشراكات الدولية وتبادل المعرفة..
خلال الأعوام الثلاثة الماضية، احتلت الصحة العامة للبشر خصوصًا، وصناعة الرعاية الصحية عمومًا، أهمية قصوى بحيث غدت في طليعة الأوليات لمختلف دول العالم، وهو ما تطلب من الحكومات التفكير المنهجي والعميق في كيفية الوصول إلى الريادة الصحية، في ظل المتغيرات الجديدة وأبعاد تأثير التكنولوجيا الطبية المتقدمة، ودورها في تحسين صحتنا بشكل مباشر وغير مباشر.
ونحن في خضم مناقشة هذا الموضوع، وقفت على بحث مهم أجرته مؤسسة “أريزتون”، بعنوان “سوق الذكاء الاصطناعي للرعاية الصحية والتوقعات العالمية 2021-2026″، حيث من المتوقع أن يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي للرعاية الصحية العالمية نحو 44.5 مليار دولار بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 46.21 %، وسيكون هذا الاستخدام المتزايد لهذه الخاصية مدفوعًا بشركات الأدوية التي تستخدم التكنولوجيا لتعزيز الابتكارات العلمية في إنتاج أدوية جديدة، وذلك مع زيادة عدد المرضى وتقلص القوى العاملة في مرافق الرعاية الصحية المختلفة في العالم.
السؤال المهم طرحه هنا اليوم، هو: ما موقع المملكة العربية السعودية من صناعة الرعاية الصحية عمومًا، وبروز الاتجاهات الجديدة في هذا القطاع؟ الجواب يكمن باختصار في “ملتقى الصحة العالمي”، الذي افتتح أمس بالرياض، تحت شعار “استثمر في صحتك”، برعاية وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجلاجل، والذي تسنى لي زيارته كمواطن أولًا ثم كصحافي ثانيًا، وما لفت انتباهي هو المشاركة النوعية لأبرز رواد “صناعة الرعاية الصحية” من الشركات المحلية والإقليمية والدولية، وهذا بحد ذاته يؤكد أن بلادنا أصبحت وجهة نوعية في شتى أنواع استثمارات الرعاية الصحية، وهو ما تبلور في أهداف الملتقى الذي يسعى إلى ترويج ريادة المملكة العربية السعودية في المجال الصحي دوليًا، والتأكيد على كفاءة المنظومة الصحية والتطورات في الخدمات الصحية والابتكارات الطبية، فضلًا عن إبراز النمو الذي يشهده قطاع الرعاية الصحية السعودي على مستوى العالم مدفوعًا بالنمو الاقتصادي.
هناك من لا يُدرك الأبعاد الحقيقية للاستثمارات الصحية في بلادنا، وهو من الجوانب المهمة التي ركز عليها الملتقى والمعرض المصاحب له، من حيث الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع الصحي السعودي التي تُقدر بـ 330 مليار ريال حتى عام 2030، ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك باختصار، أن مسار “الرعاية الصحية” يُعد اليوم إحدى الصناعات الواعدة لتعظيم المحتوى المحلي غير النفطي، لذلك من المهم التأكيد على أن القطاع الصحي في مملكتنا يُمثل فرصة كبيرة للنمو والتوسع المدعوم بالطلب النوعي للرعاية الصحية، مما يجعله جاذباً للمستثمرين من الداخل والخارج.
وفي أثناء التجول بين جنبات الملتقى، استرجعت تصريحًا سابقًا لوزير الصحة رئيس لجنة برنامج تحول القطاع الصحي فهد بن عبدالرحمن الجلاجل -يتقاطع مع أهداف الملتقى- أعلن أن عدد مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص في الخدمات الصحية المخطط لها على مدى السنوات الخمس المقبلة سيتجاوز 100 مشروع، حيث تقدر فرص الاستثمارات الرأسمالية التقديرية فيها من قبل القطاع الخاص بـ 48 مليار ريال.
الخلاصة النهائية، فإن أهم ما يُميز “ملتقى الصحة العالمي”، هو مشاركة خبراء قطاع الرعاية الصحية المختلفة من شتى أنحاء العالم، بجانب مشاركة المسؤولين الحكوميين وأصحاب المصلحة المعنيين بهذه الصناعة؛ وهو ما سينعكس مباشرة على تحفيز القطاع وتطويره في المملكة العربية السعودية، وتوفير رعاية صحية متكاملة على أحدث الطرازات العالمية، من خلال الشراكات الدولية وتبادل المعرفة.. دمتم بخير.