السعودية اليوم كدولة قائدة للعالمين العربي والإسلامي، تعي ربما أكثر من غيرها أهمية أخذ زمام المنطقة نحو “السلام” و”التنمية”، ولكن ليس على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما أكده سمو ولي العهد في لقائه الأخير بقناة فوكس نيوز الأميركية، فـ”لا سلام مع الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين”..
استكمالًا لمقال الأسبوع الفائت “جهود تنشيط عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط”، أجد من المهم استعراض ما جاء في مجلس الوزراء السعودي (الثلاثاء الماضي)، الذي ترأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وجاء فيه أن “المجلس يتطلع إلى إسهام جهود تنشيط عملية السلام التي أطلقتها المملكة العربية السعودية، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية؛ وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”. على الحكومة الإسرائيلية اليمنية المتطرفة، بقيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، أن إحدى القواعد السياسية الناظمة في عالم السياسة اليوم تقوم على مبدأ “العنف يولد العنف” و”السلام يولد الأمن والاستقرار والرخاء”، فوفقًا لهذا المبدأ قرأت الكثير مما كتبته الصحافتان الغربية والإسرائيلية على وجه الخصوص، اللتان تريان أن إسرائيل اليوم فرصة تاريخية ومناخ سياسي عربي داعم لعملية السلام العادل؛ شريطة إيقاف نزيف التطورات الأخيرة على الأرض. حاجتنا اليوم في تنشيط عملية السلام تقوم على نهج منسق لتشجيع جميع الأطراف على تنفيذ التحولات السياسية والإصلاحية، ومعالجة العوامل الرئيسة التي تغذي الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. سأكون أكثر وضوحًا، إن حل النزاع العربي – الإسرائيلي من المصالح الأساسية للمنطقة كلها، ولن يتم ذلك إلا بحل الدولتين، ووجود دولة فلسطينية مستقلة، قابلة للحياة ومتصلة الأراضي تعيش جنبًا إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل وجيرانها الآخرين. معنى السياق السابق، أنه يجب تحقيق حل دائم على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ومبادئ مدريد بما في ذلك الأرض مقابل السلام، وخارطة الطريق، والاتفاقيات التي سبق أن توصل إليها الطرفان ومبادرة السلام العربية. إذا تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع بشكل نهائي، فإن الباب سيفتح لتعميق وتعزيز التعاون بين جميع دول المنطقة. وعلى الرغم من أن الاجتماع السابق الذي عقد في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، وحضور ممثلي نحو 70 دولة ومنظمة دولية، ليس له علاقة بمفاوضات الحل النهائي، إلا أنه يُعد عاملًا مُحفزًا لعودة أطراف النزاع إلى مسار العملية السلمية، وإعطاء تصور واقعي لما يمكن أن يكون عليه الوضع في منطقة الشرق الأوسط، واستفادة الجميع -من دون استثناء- بالمنافع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسود خارطة المنطقة، وهو هدف يرغب به الجميع، وهي فرصة أمام صناع القرار الإسرائيليين للقبول بالحقائق وعدم التعنت بأفكار اليمين المتطرف الذي يفقد شرعيته على مستوى الداخل الإسرائيلي والخارج الدولي.
السعودية اليوم كدولة قائدة للعالمين العربي والإسلامي، تعي ربما أكثر من غيرها أهمية أخذ زمام المنطقة نحو “السلام” و”التنمية”، ولكن ليس على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما أكده سمو ولي العهد في لقائه الأخير بقناة فوكس نيوز الأمريكية، فـ”لا سلام مع الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين”.
أختم بمقال في غاية الأهمية كتبه جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية من أجل أوروبا أقوى في العالم، ونشره في الربع الأول من العام الجاري، ذكر فيه بعض النقاط الرئيسة، والتي جاء فيها: “يسقط العديد من الضحايا كل أسبوع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعيش الملايين في خوف ويأس، بينما تقتصر استجابة العالم على الكثير من البيانات والقليل من الإجراءات، لكي ننجح يجب علينا أولاً أن نكون صادقين مع بعضنا بعض ومع أنفسنا.. عندما يعتمد الإسرائيليون على دولتهم وجيشهم، فإن الفلسطينيين ليس لديهم مثل هذا الملاذ، فهذا التفاوت الهائل في القدرة على التحكم في مصير المرء واضح على كل حاجز تفتيش، وهذه الحقائق تشكل عقبات أمام السلام”.. دمتم بخير.