في ظل تطور الأنظمة الصحية العالمية، فإن الحكومة تعمل بشكل متسارع في تمكين التحول الشامل للقطاع الصحي، وإعادة هيكلته، ليكون نظامًا صحيًا شاملاً وفعالاً ومتكاملاً..
تعي القيادة السعودية أبعاد رسم خارطة متقدمة لـ”الرعاية الصحية”؛ لدورها في تعزيز أمننا القومي الصحي، ولهذا تم مؤخرًا إنشاء برنامج تحول القطاع الصحي كأحد البرامج المستحدثة لرؤية المملكة 2030؛ لضمان استمرار تطوير خدمات الرعاية الصحية في وطننا، وتركيز الجهود في هذا القطاع المهم؛ ليواجه التحديات المتعلقة بالخدمات الصحية من خلال رفع جودتها وكفاءتها، ومستويات الوقاية ضد المخاطر الصحية.
وإذا ما استعرضنا الخطط الوطنية عمومًا سنجد أن “الرعاية الصحية” على رأس اهتمامات الدولة، ويتضح ذلك جليًا في إطلاق ولي العهد لأكثر من خطة، منها: التطلعات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار (أولوية صحة الإنسان)، بالإضافة إلى القطاعات الفرعية الطبية والدوائية المرتبطة بالاستراتيجية الوطنية للصناعة.
وفي ظل تطور الأنظمة الصحية العالمية، فإن الحكومة تعمل بشكل متسارع في تمكين التحول الشامل للقطاع الصحي، وإعادة هيكلته، ليكون نظامًا صحيًا شاملاً وفعالاً ومتكاملاً.
مكون رئيس من إعادة هيكلة الرعاية الصحية في البلاد، هو جذب الاستثمارات الصحية الدولية إلى المملكة؛ لتسريع عملية وصول الابتكارات، والتماشي مع أحدث المواصفات والمعايير الصحية العالمية.
ومما يشار له هنا توقيع وزارة الاستثمار العام الماضي مذكرة تفاهم استراتيجية مع “روش” التي تتمتع بمكانة مميزة عالمية في مجال الرعاية الصحية، وتأسست قبل أكثر 125 عاماً في مدينة بازل السويسرية عام 1896، وهي مجموعة رائدة على النطاق العالمي في قطاع الأدوية وأجهزة التشخيص التي ترتكز على تعزيز التقدم العلمي لتحسين حياة البشر.
الأهداف التي وضعتها الوزارة في التوقيع، هي محورية بامتياز كونها ترتكز على دعم وتعزيز البيئة الاستثمارية لقطاع الرعاية الصحية والعلوم الحيوية في المملكة، وتطوير وبناء القدرات، وتوطين المعرفة والخبرات، وتعزيز الحصول على خدمات الرعاية الصحية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومشاركة البيانات والتجارب السريرية التي تجريها روش؛ بصفتها من المستثمرين الرواد عالمياً في البحث والتطوير.
وفي تصوري أن أي شراكات ستعقدها المنظومات الصحية السعودية من القطاعين العام أو الخاص، يجب أن تكون وفق معايير الدورة الكاملة للرعاية الصحية وهي: الوقاية من الأمراض وتشخيصها وعلاجها ومراقبتها.
جزء من بناء المنظومة الاستثمارية التي تسعى المملكة إلى تحقيقها، هو العمل المتواصل على جذب واستقطاب الشركات العالمية الرائدة في مختلف المجالات، وأتذكر تصريحًا قريبًا لوزير الاستثمار المهندس خالد الفالح عند تدشين مقر “روش” بالسعودية، أكد فيه أن عقد الشراكات الاستراتيجية مع شركات الرعاية الصحية العالمية ستحدث نقلة نوعية في مستقبل رعايتنا الصحية، فضلاً عن تعزيز الاستثمار الرقمي والتقنيات المتطورة؛ من أجل تقديم خدمات صحية متكاملة تستند إلى الحلول الذكية المتقدمة، للإسهام في معالجة التحديات التي تواجه قطاعنا الصحي.
أحد الشواهد الوطنية التي يمكن الاستشهاد بها هنا، مذكرة التفاهم الاستراتيجية التي وقعتها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، مع روش العربية السعودية المحدودة، والتي تتضمن ثلاثة محاور رئيسة، وهي: تمكين الرعاية الصحية المبنية على القيمة لضمان الاستدامة من خلال بناء القدرات وتأسيس بنية تحتية عالية الجودة، والتعاون في مجال الأبحاث والتجارب السريرية وإثراء المستوى العلمي من خلال تطوير حلول مبتكرة لتعزيز توليد البيانات وتحسين الإجراءات لتقليل الجداول الزمنية للموافقات على التجارب السريرية المتخصصة، بالإضافة إلى إنشاء بنية تحتية محلية لتطوير قدرات اختبار وتشخيص أمراض الأورام المتقدمة، من خلال الفحص الشامل للتركيبة الجينية التي تساهم في اكتشاف الطفرة الجينية وتمكين الأطباء من تخصيص خطة العلاج والرعاية بشكل أفضل لكل مريض على حدة.
أخيرًا، فإن استهداف وجذب الاستثمارات الخارجية الصحية، ستنعكس على تسريع توطين التقنيات الحديثة، وتعزيز أمننا الصحي وتطوير الكفاءات المحلية.. دمتم بخير.