الاهتمام بتحسين بيئات سوق العمل السعودي، أصبح ضرورة استراتيجية، سينعكس أثرها على تنمية كفاءتنا الوطنية، وتنمية الاقتصاد المحلي بالنسبة لأصحاب العمل، وفاجأتنا وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الأسبوع الماضي بمرونة عالية تمثلت في إجراء تحديث على الضوابط والإجراءات الخاصة بانقطاع العامل عن العمل
منذ أكثر من عامين تقريبًا بدأنا نلحظ جهودًا مستمرة من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، في ملف إعادة هيكلة سوق العمل السعودي، بما يتوافق مع معايير أسواق العمل العالمية، ومتطلبات منظمة العمل الدولية (ILO)، وهي خطوات مؤسسية ومنهجية تعمل على تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 وبرامجها التنفيذية ذات العلاقة بهذا القطاع الحيوي الذي بات يُشكل مسارًا مهمًا للحكومة السعودية.
ولإنعاش ذاكرتنا العمالية – إن صحت العبارة – علينا أن نعود إلى الرابع من نوفمبر 2020، وتحديدًا عندما أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مبادرتها المهمة التي جاءت تحت عنوان “مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية”، وهي إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني، والتي تستهدف دعم رؤية الوزارة في بناء سوق عمل جاذب، وتمكين وتنمية الكفاءات البشرية وتطوير بيئة العمل. وبالفعل كانت خطوة الوزارة السابقة استراتيجية بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ وهو ما أسهم في تحسين وجه المملكة العمالي عالميًا، وزيادة مرونة وفعالية وتنافسية سوق عملنا الوطني، ورفع جاذبيته بما يتواءم مع أفضل الممارسات العالمية، وأتذكر حينها التفاعلات الإقليمية والعالمية مرحبة بذلك أيما ترحيب.
الاهتمام بتحسين بيئات سوق العمل السعودي، أصبح ضرورة استراتيجية، سينعكس أثرها على تنمية كفاءتنا الوطنية، وتنمية الاقتصاد المحلي بالنسبة لأصحاب العمل، وفاجأتنا وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الأسبوع الماضي بمرونة عالية تمثلت في إجراء تحديث على الضوابط والإجراءات الخاصة بانقطاع العامل عن العمل في منشآت القطاع الخاص. تحديث الوزارة الأخير يمكن قراءته ضمن مساعيها الجادة والمنهجية في تحسين العلاقة التعاقدية بين العاملين وأصحاب العمل، وحفظ الحقوق التعاقدية لجميع الأطراف، وزيادة جاذبية ومرونة سوق العمل السعودي، لذلك تأتي إطلاق خدمة بلاغات التغيب، كإحدى مساهمات الوزارة في تحسين بيئة العمل ورفع احترافيته وكفاءته.
برأيي أن تحديث الوزارة للخدمة ستكون له أصداء إيجابية على المستويين المحلي والدولي، مما سينعكس على مبادرة “تحسين العلاقة التعاقدية”، ويساعد في تحقيق مستهدفاتها الرئيسة وآثارها المباشرة وغير المباشرة.
في ظل التنافسية الإقليمية والدولية في استقطاب الكفاءة المتمكنة والمبدعة، فإن التحديث الجديد سيعمل على زيادة جاذبية سوق العمل، ورفع كفاءة إجراءات نظام سوق العمل السعودي.
من الأسئلة المنطقية الوارد طرحها عند مناقشة هذا الموضوع هو: لماذا أجرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هذا التحديث وعدلت على إجراء بلاغات التغيب عن العمل؟ الإجابة تحمل مسارين محورين، الأول: ليكون أحد أسباب إنهاء العلاقة التعاقدية بناء على الانقطاع عن العمل، والثاني: لحماية حقوق العاملين في سوق العمل السعودي، واستمرارًا لمبادرات حفظ حقوق العمالة الوافدة وأصحاب العمل، وتنظيم العلاقة التعاقدية، والارتقاء بسوق العمل الوطني.
البيان الصحفي الصادر عن الموارد البشرية مؤخرًا أوضح بشكل كبير التفاصيل الكاملة عن ذلك، وأنصح المستهدفين سواء المنشآت التجارية أو العمال الوافدين، بالاطلاع على كل ما يرتبط بذلك من خلال استيضاح جميع التفاصيل الجديدة عبر موقع الوزارة، خاصة ما يرتبط بالأسئلة الشائعة على خدمة بلاغات العامل المتغيب، فبمجرد إنهاء العلاقة التعاقدية بسبب الانقطاع عن العمل تسقط بيانات الوافد لدى صاحب العمل دون تأثر حالته في الأنظمة الحكومية المرتبطة بالإجراء، حيث يحق للعامل خلال مدة 60 يومًا الانتقال إلى صاحب عمل آخر أو الخروج النهائي من البلاد، دون أن يتحمل صاحب العمل أي مخالفات للعامل خلال تلك الفترة.
في المحصلة النهائية، تحديث وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لإجراء بلاغات التغيب عن العمل، يأتي ضمن جهود الحكومة السعودية المستمرة في حماية حقوق الإنسان بشكل عام، فضلًا عن استمرارها في مبادراتها وبرامجها وإصلاحاتها في سوق العمل السعودي وتحسين بيئته وفقًا لمعايير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.. دمتم بخير.