نحن فعليًا أمام دولة وقيادة راشدة تعرف مسؤولياتها الوطنية وواجباتها الإنسانية تجاه العالم، وهذا ما يجعل منها ذات تأثير كبير، ويمكن الاستشهاد هنا بالوساطة الأخيرة التي قام بها ولي العهد للإفراج عن عدد من الأسرى المحتجزين لدى روسيا بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية..
قبل البدء.. أهنئ القيادة السياسية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، والتهنئة موصولة إلى كافة أطياف الشعب السعودي الكريم، وإلى كل من يقطن على هذه الأرض المباركة، بالذكرى الثانية والتسعين لليوم الوطني، فكل عام وأنتم ووطننا بألف خير، وأسأل الله أن يديم علينا الأمن والأمان والإيمان.
عند التمعن مليًا في الذكرى الوطنية لدولتنا المباركة عميقة الجذور لأكثر من ثلاث مئة عام، فإنه يحق لنا الاحتفاء بها، وبمجدها وبحاضرها وبمستقبلها، وذلك من خلال “سؤال المستقبل السعودي”، الذي بدأنا كسعوديين بطرحه فعليًا بشكل مركز في السنوات السبع الأخيرة، وتحديدًا منذ قص الشريط الوطني إيذانًا بإطلاق رؤية المملكة 2030، وفي هذا دلالة لا يمكن التغافل عنها، وهي أننا عندما نحتفي اليوم بالذكرى الثانية والتسعين لتوحيد البلاد على يد المغفور له بإذن الله المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- سنجد كثيراً من المتغيرات والمؤشرات المحورية التي أسهمت -وما زالت- في رسم مستقبل هذا البلد بثقله السياسي والاقتصادي والإنساني والحضاري والثقافي، ليس للجيل للحالي بل للأجيال القادمة، وهذا أمر ليس من السهل تحقيقه، بل جاء بفعل عمل ممنهج وتخطيط مضنٍ وقيادة جادة على التجديد والتكيف مع الظروف المحيطة بها.
الاحتفاء بالذكرى الوطنية لا ينفك عن فهم مدارات نفوذ السعودية على المستويين الإقليمي والدولي، فضلًا عن تأثيرها العابر للحدود للجغرافية في إدارة الملفات المُعقدة، إذ لا يمكن أن يتصور عاقل وجود حل في منطقتنا من دون الحصول على “الجواب السعودي” للأسئلة المعلقة، أو التي تحتاج إلى تبيان رؤيتنا، إذ باتت البوصلة تتجه إلى الرياض في أي مشكلة تمر بها أكثر منطقة حساسة على مستوى العالم.
هناك زاوية مهمة عند النظر لـ”السعودية المتجددة”، وهي أن التفكير تجاوز فكرة “المصلحة الخاصة” إلى “المصلحة الإنسانية العامة”، وأخذت لتعميق هذا التوجه زمام المبادرة في طرح المبادرات التي تسهم في تذليل التحديات المتصاعدة التي تواجهها البشرية جمعاء، فأطلقت -على سبيل المثال- التطلعات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار، وعقدت مؤخرًا القمة العالمية الثانية للذكاء الاصطناعي التي أكدت على هذا النهج، بل وأصبحت إحدى الدول العالمية القائدة للحد من آُثار التغير المناخي، من خلال مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، فضلًا عن خططها المؤسساتية طويلة الأمد للتخلي عن الوقود الأحفوري، من خلال خطط التحول إلى الطاقة النظيفة، والوصول بالانبعاثات الكربونية إلى المستوى الصفري بحلول 2060.
نحن فعليًا أمام دولة وقيادة راشدة تعرف مسؤولياتها الوطنية وواجباتها الإنسانية تجاه العالم، وهذا ما يجعل منها ذات تأثير كبير، ويمكن الاستشهاد هنا بالوساطة الأخيرة التي قام بها ولي العهد للإفراج عن عدد من الأسرى المحتجزين لدى روسيا بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، وهي نافذة لإبراز دور المملكة منذ تأسيسها في قيامها بالجهود الكبيرة لحل الخلافات والنزاعات الإقليمية والدولية سلميًا، والتدخل الإنساني لإطلاق سراح المحتجزين والرهائن وأسرى الحروب، وإغاثة المتضررين العالقين في مناطق الصراع أو النازحين منها.
جانب آخر أختم به مقال الذكرى الوطنية، يتعلق بالبروز المؤثر الذي قامت به الرؤية من خلال تسريع وتيرة تنمية الاقتصادات الواعدة غير النفطية حتى بدأنا نلحظ مؤشرات إيجابية صادرة عن تقارير المنظمات الدولية تُظهر تفوقنا الاقتصادي المتنوع، في جوانب لم نكن لنسمع عنها قبل أبريل 2016.. دام وطننا بخير.