لبنان يعيش اليوم أزمة عميقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس كما يظن البعض بسبب تصريحات وزير إعلامه غير المسؤولة الذي ربح من خلالها المليون ريال الإيراني، بل لارتهانه إلى مشروع فارسي لا يمت إلى جيناته العربية بصلة، وهو ما أوصله بحسب منظمة الشفافية الدولية إلى أسفل سلم الترتيب في مؤشرات مدركات..
في طور الأزمة اللبنانية المتصاعدة والمفتوحة على المسارين الداخلي والإقليمي، تبرز على الطاولة السياسية الساخنة الكثير من أسئلة المواجهة والمكاشفة التي تتجاوز الحدود الجغرافية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، والفضل في ذلك يعود بلا فخر إلى فرقاء “محور المقاومة والممانعة”، وعلى رأسهم أمين عام حزب الله حسن نصرالله، الذي لم تطب نفسه برهن الضاحية فقط لأسياده الإيرانيين بل رهن كامل التراب اللبناني والقرار الوطني لغرفة عمليات الحرس الثوري وفيلق القدس، لذلك لا تسألوا الحكومة السعودية أو الحكومات الخليجية عن سبب موقفهم الأخير؛ لأن المعنى لم يعد في بطن الشاعر بل على ظهره أيضًا.
هناك أسئلة مركزية محورية ومؤرقة يطرحها الشارع اللبناني: هل قطع لبنان فعلًا الطريق إلى جهنم كما تنبأ بذلك رئيسه العماد ميشال عون؟ وفي ظل الأوضاع الملتهبة هل سنشهد ربيعًا لبنانيًا مقبلًا يفجر الأوضاع ويقلب الطاولة على الجميع؟ لكن السؤال الملح هو: هل سيقبل المناوئون من محور الممانعة بربيع الشعب اللبناني؟ أم سيجابهونه بالترهيب وسيتحول هذا الربيع إلى حرب أهلية تُذكرنا بشبح الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت من 1975 إلى عام 1990، وأسفرت عن 150 ألف قتيل. ومن الأسئلة المطروحة في ظل الأفق اللبناني المسدود: هل سيكتب الربيع اللبناني وفاة ركائز النظام السياسي الحالي؟ الذي جاء بعد تسويات الحرب الأهلية ونشهد ولادة تكتلات سياسية وطنية لا هم لها إلا خدمة المواطن اللبناني العادي، وتلبي طموحاته بدولة مدنية عربية ذات سيادة لا ترتهن لأحد، وتلتفت فقط لرفاهية شعبها لا رفاهية قيادات الضاحية وأعوانهم.
الإجابة على الأسئلة اللبنانية ستحمل بذورها بالتأكيد في الأيام المقبلة؛ لأن هناك “عيون لبنانية لم ولن تنسى كل ما أجرمه فيها حزب الله الذي تنازل عن جنسيته اللبنانية لصالح الجنسية الإيرانية، ودخوله من أجلها في مغامرات غير محسوبة. لم يعد نصرالله يكتفي برهن مصير لبنان وشعبه من أجل “تحرير القدس”، وإنما ذهب بمغامراته إلى أبعد من ذلك متوجهًا إلى مأرب والحديدة اليمنيتين، فهل تخليص القدس يمر من اليمن؟
لبنان يعيش اليوم أزمة عميقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس كما يظن البعض بسبب تصريحات وزير إعلامه غير المسؤولة الذي ربح من خلالها المليون ريال الإيراني، بل لارتهانه إلى مشروع فارسي لا يمت إلى جيناته العربية بصلة، وهو ما أوصله بحسب منظمة الشفافية الدولية إلى أسفل سلم الترتيب في مؤشرات مدركات الفساد. من المعلوم أن تصريحات وزير الإعلام اللبناني كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت تراكم اضطراب العلاقات اللبنانية – السعودية المستمرة منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 2005 لذلك يتطلب رأب الصدع معالجة جذرية للأزمة تعود من خلالها لبنان إلى حضن المشروع العربي.. دمتم بخير.