تؤكد التقارير الصادرة عن وسائل الإعلام الغربية ومراكز البحث والتحليل الأمنية أن هذه الجماعة بدأت في إعادة تشكيل مفاصلها بعد مقتل زعيمها “أبو بكر شيكاو”
ماذا لو سيطرت “بوكو حرام” الإرهابية على الحكومة المركزية والشعب النيجيري؟ وماذا لو انتقل سيناريو طالبان في أفغانستان إلى بوكو حرام في نيجيريا؟ سؤالان مركزيان عن هذه الجماعة في معظم ولايات النصف الشمالي من البلاد ذات الغالبية المسلمة تحت التهديد الإرهابي، وهو الأمر الذي قد يطال العاصمة أبوجا أيضًا، وكأننا واقعيًا أمام تكرار جديد لسيناريو الملف الأفغاني، وسط الانهيار السريع للحكومة المركزية لم تصمد أقل من 24 ساعة فقط.
ما يبعث الخشية من هذه الجماعة المتطرفة، أن جعبتها مليئة بالانتهاكات والفظائع التي لا يمكن أن يتصورها العقل البشري من عمليات القتل الممنهجة والخطف والتهجير الديموغرافي، لذلك يدفع انتشارها من جديد تصعيد حلة القلق الاستراتيجي ليس على الدولة النيجيرية القطرية فحسب بل على مستوى المنطقة التي تتمركز فيها تقريبًا.
تكمن خطورة “بوكو حرام” التي ظهرت في العام 2002 على يد الداعية النيجيري محمد يوسف الذي أعدمته القوات المسلحة النيجيرية رميًا بالرصاص في 2009، أنها تأسست على نهج حركة طالبان الأفغانية، فهي تتبنى تنفيذ الأفكار المتشددة باسم الدين – وهو منهم براء – بقوة السلاح، لذا فإن تاريخها الممتد على مدار أكثر من 18 عامًا قائم – وما زال – على دماء الأبرياء والمعصومين، وأسفرت هجماتها عن مقتل قرابة 36 ألف شخص وتشريد أكثر من مليوني إنسان من منازلهم.
تؤكد التقارير الصادرة عن وسائل الإعلام الغربية ومراكز البحث والتحليل الأمنية أن هذه الجماعة بدأت في إعادة تشكيل مفاصلها بعد مقتل زعيمها “أبو بكر شيكاو” في غابة سامبيسا بولاية بورونو بتفجير نفسه حتى لا يقع أسيراً في يد “داعش غرب إفريقيا”، وبحسب موقع “VOA” قطع 250 عنصراً من عناصر الجماعة مئات الكيلومترات للانضمام إلى مجموعة إجرامية، تتدرب على استعمال السلاح في غابات “ريجانا شيكون”، في كادونا.
حد التشابه بين “بوكو حرام” و”طالبان”، وصل حتى في طريقة محاربتها عسكريًا، إذ نشر سلاح الجو الأميركي اتفاقية لتدريب سلاح الجو النيجيري على استخدام طائرات “سوبر توكانوس A-29” التي استخدمتها القوات الأفغانية ضد حركتي القاعدة وطالبان.
مع التطورات الدراماتيكية السريعة اليوم على الساحة النيجيرية، هل سنشهد سحب الدول لرعاياها في الفترة المقبلة، وإغلاق تام للسفارات الأجنبية، ربما الأيام المقبلة قد تكون حبلى بالمفاجآت غير المتوقعة.
على الرغم من خطورة المآلات المتصاعدة مع “بوكو حرام” وغيرها من الجماعات المتشددة، إلا أن هناك حقيقة مهمة يجب إدراكها وهو أن غياب السلطة المركزية والتوعوية الاستراتيجية المُستدامة من الجماعات المتشددة، وغياب الفهم الشمولي لوسطية هذا الدين الحنيف، ستفضي بنا إلى هذه الفوضى الخلاقة، وهي من أكثر البيئات الجاذبة للمتطرفين لصناعة أوهام دولتهم المزعومة، واستقطاب الشباب المغرر بهم في هذه المحرقة المشؤومة.. دمتم بخير.