في سبيل تحقيق التحول الرقمي، أطلقت وزارة الحج والعمرة “منصة الحج الذكي”، ومبادرة “الرقابة على الخدمات” لرفع مستوى خدمات السكن بهدف توفير مساحات إضافية للحجاج وتنظيم مسارات النقل الترددي..
قبل الخوض في تفاصيل الجهود الرقمية المقدمة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم حج كل عام، من المهم التوضيح للرأي العام الداخلي والدولي على حد سواء، من أن قرار خفض القيادة السعودية لأعداد الحجيج الموسم الماضي إلى 1000 حاج، ورفعه إلى 60 ألف حاج في موسم حج 1442هـ، خاضع لمعايير وإجراءات دقيقة ومتشددة، تتمثل في كيفية الحفاظ على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وهي أولوية للمملكة لا يمكن التساهل فيها تحت أي ظرف كان، لذلك لا تلتفوا إلى إثارات أصوات النشاز الصادرة من هنا وهناك، التي تهدف إلى التشويش، فهذه الدولة –بحمد الله- تستند إلى خبرة عميقة وثرية وطويلة في إدارة الحشود، وهي قادرة في ظل تفشي جائحة كورونا (covid-19) على ضبط الإيقاع، ووضع إطار آمن للحجاج لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو المرتكز الذي أكد عليه سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في تصريحاته الأخيرة.
جميع الخطط التي وضعتها السعودية لإدارة موسم حج 1442هـ، سواء في خطط الطوارئ، والأمنية والمروريـة، والتفويج وإدارة الحشود، جرى تضمينها جميعًا تحقيق الاشتراطات الصحية، لعدم انتشار الوباء بين الحجيج أو المشاركين في خدمتهـم من مختلف الجهات.
القدرات الرقمية العالية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، انعكست على جميع الصعد ووصلت إلى الحج، من خلال تطويرِ وتنويعِ الخدماتِ المُقدّمة لضيوفِ الرحمن لتسهيل أداءِ مناسكهم، من خلال تبني التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتحسين الخدمات في رحلة الحج، وإثراء تجربة الحاج، وإدارة نسك الحج وفق أفضل الممارسات والمعايير، ومن ذلك بطاقة شعائر الذكية، وهي خطوة لتعزيز الخدمات الرقمية المقدمة لضيوف الرحمن في حج 1442هـ، لتسهيل رحلة الحج، والارتقاء بخدمته وراحته، وذلك بربط العمليات والخدمات ضمن منصة إلكترونية متكاملة.
بحسب المعلومات الرسمية الصادرة عن وزارة الحج والعمرة، ستعمل بطاقة شعائر الذكية عن طريق تقنية اتصال المجال القريب “NFC” التي تسمح بقراءة البطاقة عن طريق أجهزة الخدمة الذاتية المتوفرة في المشاعر المقدسة، حيث تقدم العديد من الخصائص والميزات كالاحتفاظ بمعلومات الحجاج الشخصية، والسكنية، وإرشادهم لسكنهم في المشاعر والتحكم بالدخول إلى المرافق المختلفة والحد من الحج غير النظامي، وستتوسع مستقبلًا بمشيئة الله لتشمل جميع الخدمات المقدمة لضيف الرحمن، بحيث تصبح بطاقة ذكية ومصرفية، وربطها بدخول المخيمات واستخدام وسائل النقل والدخول للفنادق والدفع عبر نقاط البيع وأجهزة الصراف، وخدمات النقل العام في مكة المكرمة.
ومن المسارات الرقمية التي ستطبق في حج هذا العام، سوار الحاج الذكي “نسك” المعتمد على مفهوم تقنية إنترنت الأشياء، موفراً خريطة معلوماتية شاملة عن الحاج تشمل عرض حالته الصحية من منصة “توكلنا”، ومتابعة بياناته الصحية المتعقلة بنسبة الأكسجين في دمه ونبضات قلبه، بجانب طلب الخدمات الأمنية أو الطبية الطارئة، لتسريع الوصول إلى موقعه ومساعدته، بالإضافة إلى توجيه الحجيج من خلاله عبر إرسال الرسائل التوعوية.
وفي سبيل تحقيق التحول الرقمي، أطلقت وزارة الحج والعمرة “منصة الحج الذكي”، ومبادرة “الرقابة على الخدمات” لرفع مستوى خدمات السكن بهدف توفير مساحات إضافية للحجاج وتنظيم مسارات النقل الترددي، وبرنامج “التفويج” المخصص لإدارة الحشود عبر نظام إلكتروني لإعداد ومراقبة خطة التفويج، إضافة إلى “مشروع زيادة الطاقة الاستيعابية”، وبناء مخيمات مجهزة بمختلف الخدمات، ومبادرة “النظام الإلكتروني للمشاعر المقدسة”، وهو نظام تقني رقابي لقياس جاهزية المشاعر المقدسة ومرافقها.
ومن المسارات الرقمية المميزة التي أدرجتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في موسم حج 1442هـ، خدمات الترجمة وتقنية المعلومات لإيصال رسالة الحرمين للعالم أجمع، ومن ذلك منصة “منارة الحرمين” الرقمية، التي تهدف إلى إثراء التجربة الروحانية التعبدية افتراضيًا، وتفعيل التواصل مع أئمة وشيوخ الحرمين الشريفين عن طريق نقل الدروس العلمية والتوجيهية والإرشادية من الحرمين إلى شتى البقاع، ناهيك عن نقل وترجمة خطبة عرفة مترجمة بعشر لغات عن طريق التطبيق والموقع الإلكتروني لخطبة عرفة، ومن التطبيقات النوعية في هذا الإطار، تطبيق “تنقل” لخدمة ضيوف الرحمن بأحدث الطرق التقنية، ويُسهل عليهم عملية شراء التذاكر والحجز المسبق لخدمة العربات الكهربائية لتقليل التزاحم عند نقاط البيع والتسليم.
الخدمات والتطبيقات الرقمية التي تخدم حجاج بيت الله الحرام، تهدف في مجملها إلى الحرص على تسهيل المناسك، وإثراء التجربة، وتحقيق الريادة في حسن الوفادة بما يتوافق مع مخرجات برنامج رؤية 2030 التنفيذي “خدمة ضيوف الرحمن”.. أسأل الله أن يحفظ ضيوفه ويتقبل نُسكهم، وكل عام وأنتم بخير.. عيد أضحى مبارك.