على الأجيال الجديدة من السعوديين أن يعوا العمق التاريخي لدولتهم العظيمة المملكة العربية السعودية، الضاربة في الجذور، وهذا الإعلان عن يوم التأسيس من حيث توقيته الحيوي يعد لبنة أولى لإعادة قراءة تاريخنا.
نحن بحاجة ماسة اليوم إلى إعادة قراءة تاريخنا بأدوات وأساليب جديدة؛ وهو الدور المنوط بالجهات العلمية الرسمية والمدنية والثقافية والمتخصصين القيام به، أما لماذا؟.. لارتباط ذلك برؤيتنا لمستقبل بلادنا، التي دخلت مرحلة جديدة، وهو ما يتطلب من الجميع حضورًا واعيًا.
من المعلومات الحيوية التي تحتاج إلى إعادة قراءة هي معلومات الفترة الأولى من حكم الإمام محمد بن سعود وهي الفترة التي عمل فيها بشكل كبير على تركيز دعائم الدولة واستقرارها.
وهي في ذاك استندت إلى عمق آخر منذ تأسيس الدرعية على يد مانع المريدي – الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – مع أنها كانت مرحلة «تأسيسية للدولة» والتي امتدت لنحو 300 عام، وتحديدًا في 22 فبراير من العام 1727 ميلادي.
أما لماذا 22 فبراير؟ لأن جميع المعطيات التاريخية تدل على أن الستة أشهر الأولى من العام 1139هـ كانت حافلة بأحداث سبقت تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية، لذلك أتى استنتاج هذا التاريخ الذي يوافق 30 / 6 / 1139 هجري، ليكون يوماً للتأسيس لعدم تدوين المصادر اليوم بالدقة، وهو متعارف عليه في الكتابة التاريخية الحولية في تلك الفترة المبكرة.
ومن القراءات المهمة دراسة ظاهرة عاصمة الدولة السعودية الأولى «مدينة الدرعية»، التي أسسها مانع المريدي في منتصف القرن التاسع الهجري، لتكون المدينة الدولة، القابلة للتوسع مع الأيام، ونستنتج من مواقف أمرائها منذ عهد الأمير مانع وأبنائه وأحفاده وأبناء أحفاده أن هناك دستورًا عائليًا للحكم ركز على فكرة الدولة، وعلى العنصر العربي وهذا ما جعل هذه المدينة لا تقوم على عصبية قبلية وإنما على أساس دولة عربية في جزيرة العرب، وهو ما أشار إليه المؤرخ راشد بن علي بن جريس الذي عاش في القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي.
كان حلم بناء دولة عربية يراود بعض العقلاء آنذاك، لما اعترى المنطقة من إهمال على مدى قرون عديدة، ولسيطرة أعراق أخرى على مقدرات بعض الأراضي العربية وشعوبها.
رغم كل هذه التحديات استطاع الإمام محمد بن سعود أن يتغلب عليها وأن يوحد الدرعية تحت حكمه ويساهم في نشر الاستقرار في المنطقة لتكون رمزا ومنارة للعالمين العربي والإسلامي على مدى 300 سنة حتى يومنا الحالي.. دمتم بخير.