من المهم كواجب وطني تفعيل خاصية البلاغات تجاه كل ما يشوه مدننا وتحضرها، سواءً من مخلفات البناء، أو الملصقات الدعائية على واجهة المباني، أو السيارات التالفة والمهجورة، أو غيرها من عناصر التشوه البصري..
من الحيثيات المهمة التي عملت عليها الدولة منذ إطلاقها لبرنامج جودة الحياة –أحد برامج رؤية المملكة 2030- العمل المنهجي الدائم على رفع مستوى جاذبية مدن المملكة وتعزيز تنافسيتها مع نظيراتها من العواصم المتقدمة في العالم، بغية الارتقاء بها، حتى تصبح من بين أكبر اقتصاديات مدن في العالم، ولتكون أيضًا من أميزها في جودة الحياة والسياحة وفي الخدمات بشكل أو آخر. انطلاقًا من السابق، فإني أحرص باستمرار على متابعة التصنيف السنوي لأكثر المدن ملاءمة للعيش في العالم، الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)المجموعة التابعة للإيكونوميست The Economist، وأكثر ما أركز عليه في قراءاتي، هو الاطلاع التفصيلي على طبيعة مؤشرات القياسات الكمية في عملية تقييم هذه المؤشرات للمدن، التي تصب جميعها في المدن التي تتمتع بتركيب مميز ونوعي في التخطيط الحضري الشامل.
من عوامل القياس الرئيسة التي تستند عليها تصنيفات المؤشرات الخاصة بالمدن سواء الأكثر ملائمة للعيش أو أكثرها رفاهية على المستوى العالم، تتمثل في “البيئة التصويرية”، وأحد أهم فرعيات التقييم ما يتعلق بـ”الجمالية البصرية”، وخلوها تمامًا من التشوهات البصرية، وهو مرتكز مهم للمدن المتميزة. اطلعت على عدد من الدراسات الدولية المتعلقة بالقطاعات البلدية، والتي كانت تركز على الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية لرفع مستوى مدنها التنافسية على مستوى العالم، وهو ما يؤكد على الاهتمام الدولي بما تقوم به الدولة من أجل ذلك، وهي في الوقت نفسه نقطة ارتكاز لتبيان خارطة الطريق البلدية التي تقودها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، وأمانات المدن، للقضاء على التشوهات البصرية في كافة مدن المملكة. أثق أن الوزارة تُدرك بأن تعزيز مكانة مدننا في ترتيب أفضل المدن العالميـــة، يحتاج إلى الارتقاء بجـــودة الخدمات المقدمة وتحسين المشهد الحضري في المدن السعودية، لذلك عملت على معالجة التشوهات البصرية في مختلف مناطق ومدن المملكة العربية السعودية؛ للمساهمة في رفع جـــودة الحيـــاة، وحققت بهذا الشأن العديد من الإنجازات على الأرض.
ربما السؤال المشروع طرحه هنا هو: ما هي خارطة طريق قطاعنا البلدي السعودي في القضاء على تشوهات المدن البصرية؟ الإجابة على هذا التساؤل يكمن في معالجة مجموعة من العناصر الظاهرة فـــي البنى التحتيـــة أو النسيج العمراني والتي ﺗﻬﺎﻟﻜﺖ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ أو ﺗﺨﺎﻟﻒ الأنظمـــة واللوائح المنظمة لذلك بما يؤثـــر علـــى مظهـــر المدينـــة مـــع ضمـــان كفـــاءة المعالجـــة مـــن خلال الآليات الشاملة. قد يعتقد البعض أن معالجة التشوهات البصرية محصورة في تحسين “الخدمات البلدية” وما يدور في فلكها، إلا أن ذلك يتجاوز هذه الأبعاد، فهذه المسألة تصب فعليًا وبشكل مباشر في تحسن الاقتصاد وزيادة الناتج الإجمالي، واستقطاب السياح، واستدامة البيئة، ورفع جودة الحياة. إن من مسارات العلاج التي علينا جميعًا كمواطنين ومقيمين، وكأفراد ومنشآت، ضرورة الامتثال للتشريعات وأنظمة القضاء على التشوهات البصرية؛ لأن ذلك يرتبط بالدرجة الأولى بجودة حياتنا، لذا من المهم كواجب وطني تفعيل خاصية البلاغات تجاه كل ما يشوه مدننا وتحضرها، سواًء من مخلفات البناء، أو الملصقات الدعائية على واجهة المباني، أو السيارات التالفة والمهجورة، أو غيرها من عناصر التشوه البصري.
ما أعيه عند مناقشة هذا الملف، هو أن المجتمع يُعد رأس الحربة في القضاء على كل ما يشوه مدننا السعودية، لأني أتصور –والعلم عند الله– أن أكثر من 90 % من مجتمعنا ممتثلون بشأن تجاه القضاء على جميع الظواهر السلبية المتعلقة بهذا المسار، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي في سبيل إنهاء التشوهات البصرية كافة.. دمتم بخير.